يوم بدر، وإني أريد أن ألقى بها الله عز وجل أيضًا.
عاش عروة بن الزبير واحدًا وسبعين عامًا مترعة بالخير، حافلة بالبر، مكللة بالتقى، فلما جاءه الأجل المحتوم أدركه وهو صائم، ولقد ألح عليه أهله أن يفطر فأبى، لأنه كان يرجو أن يكون فطره على شربة من نهر الكوثر في قوارير من فضة بأيدي الحور العين.
لما مرض أبو هريرة - رضي الله عنه - مرض الموت بكى، فقيل له: ما يبكيك يا أبا هريرة؟
فقال: أما إني لا أبكي على دنياكم هذه، ولكنني أبكي لبعد السفر وقلة الزاد، لقد وقفت في نهاية طريق يفضي بي إلى الجنة أو النار، ولا أدري في أيهما أكون.
وقد عاده مروان بن الحكم، فقال له: شفاك الله يا أبا هريرة.
فقال أبو هريرة: اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي، وعجل لي فيه. فما كاد يغادر مروان حتى فارق الحياة.
لما حضرت عبد الملك بن مروان الوفاة نظر إلى غسال بجانب دمشق فقال عبد الملك: ليتني كنت غسالاً آكل من كسب يدي يومًا بيوم، ولم أل من أمر الدنيا شيئًا، فبلغ ذلك أبا حازم فقال: الحمد لله الذي جعلهم إذا حضرهم الموت يتمنون ما نحن فيه، وإذا حضرنا الموت لم نتمن ما هم فيه.
وقيل لعبد الملك بن مروان في مرضه الذي مات فيه: كيف تجدك يا أمير المؤمنين؟
قال: أجدني كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} [الأنعام: 94].
لما حضرت عمر بن عبد العزيز الوفاة بكى فقيل له: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ أبشر فقد أحيا الله بك سننًا وأظهر بك عدلاً!
فبكى ثم قال: أليس أُوقف فأُسال عن أمر هذا الخلق، فوالله لو عدلت فيهم لخفت