حث الإسلام على تقديم النفع للآخرين، وجعله قربة لله عز وجل، وإرضاء له، وبلوغ أعلى المنازل في الجنة، بهذا أخبرنا الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه كان معتكفًا في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل فسلم عليه ثم جلس، فقال له ابن عباس: يا فلان أراك مكتئبًا حزينًا؟ فقال: نعم يابن عم رسول الله، لفلان علي حق ولاء، وحرمة صاحب هذا القبر ما أقدر عليه، فقال ابن عباس: أفلا أكلمه فيك؟ قال: إن أحببت، قال: فانتعل ابن عباس ثم خرج من المسجد، فقال له الرجل: أنسيت ما كنت فيه؟ -يقصد الاعتكاف- قال: لا، ولكني سمعت صاحب هذا القبر والعهد به قريب -ودمعت عيناه- يقول: "من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيرًا من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله تعالى جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق أبعد ما بين الخافقين" [البيهقي].
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله: أي الناس أحب إلى الله؟ فقال: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشى مع أخ في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا السجد -يعني مسجد المدينة- شهرًا، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضًا، ومن مشى مع أخيه في حاجته حتى يقضيها له، ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام" [الأصبهاني].
وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أدخل على أهل بيت من السلمين سرورًا لم يرض الله له ثوابًا دون الجنة" [الطبراني].
وقال - صلى الله عليه وسلم -:"من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا والآ خرة، ومن ستر مسلمًا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" [رواه مسلم].