رجلاً كلما أتاهما رجل فرآهما يبكيان جلس يبكي لبكائهما، لا يسألهما عن أمرهما حتى كثر البكاء وعلا الصوت. فلما رأت الأعرابية ذلك قامت فخرجت وهي نادمة تائبة (?).
هل تحرص على غض البصر؟
الصبر عبادة
روى ابن شداد أن صلاح الدين كان له ابن اسمه (إسماعيل)، فجاءه خبر وفاته فتجلد وصبر واحتسب، ولم يحدث أحدًا، ولم يظهر عليه شيء من الألم سوى دمعة ذرفت من عينيه، يقول ابن شداد: فانظر إلى هذا الصبر والاحتساب، وإلى أي غاية بلغ هذا الرجل، اللهم إنك ألهمته الصبر والاحتساب، ووفقته فلا تحرمه ثوابه يا أرحم الراحمين (?).
يروي ابن شداد أنه حدث أثناء الصراع بين صلاح الدين وريتشارد حول يافا أن عصى بعض عساكر صلاح الدين الأوامر، وانصرف كالمغضب حتى خُيل لمن رآه أنه قاتل جماعة من العساكر في ذلك، لما أتوه من أعمال وأقوال، ولم يزل صلاح الدين سائرًا حتى وصل إلى قيادته وحوله الأمراء يرعدون خيفة، وكل منهم يعتقد أنه مسخوط عليه، حتى ابن شداد مع عظم مكانته عند صلاح الدين، يقول ابن شداد: لم تحدثني نفسي بالدخول عليه خيفة منه حتى استدعاني، فلما دخل ابن شداد على صلاح الدين طلب منه أن يجمع الأمراء ليشاركوه في أكل كمية من فاكهة كانت قد وصلته من دمشق، فحضر الأمراء وهم خائفون، فوجدوا من بشره وانبساطه ما أحدث لهم الطمأنينة والأمن والسرور، وانصرفوا على عزم الرحيل للقتال كأن لم يحدث شيء أصلاً (?).
روى ابن عيينة عن رجل قال: كلم عمر بن عبد العزيز الوليد بن عبد الملك في شيء، فقال له: كذبت، فقال عمر: ما كذبت منذ علمت أن الكذب يشين صاحبه.