وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن سألاه أن يعطيهما من الزكاة: "لا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب" [أحمد].
ويقول القرضاوي: لم يجعل الرسول لمتبطل كسول حقًا في صدقات المسلمين، وذلك ليرفع القادرين إلى العمل والكسب الحلال.
قال ابن الجهم: كان لنا جار، فأخرج لنا في يوم من الأيام كتابًا، فقال: أتعرفون هذا الخط؟
قلنا: هذا خط أحمد بن حنبل، فكيف كتب ذلك؟
قال الجار: كنا بمحلة مقيمين عند سفيان بن عيينة، ففقدنا أحمد بن حنبل أيامًا، ثم جئنا لنسأل عنه، فإذا الباب مردود عليه، فقلنا: ما خبرك؟
قال: سرقت ثيابي. فقلت: معي دنانير، فإن شئت أخذت، وإن شئت أقرضتك، فرفض، فقلت: هل تكتب لي بأجرة؟
قال: نعم، فأخرجت دينارًا، فقال لي: اشتر لي ثوبًا، واقطعه نصفين (يعني إزارًا ورداء) وجئني بورق، فكتب لي هذا.
وقال ابن خزيمة: كنا مع أبي عبد الله في الكتاب، فكان النساء يبعثن إلى المعلم: ابعث إلينا بابن حنبل ليكتب جواب كتبهم، وكان نظير أجر زهيد، فكان إذا دخل إليهن لا يرفع طرفه أبدًا، ولا ينظر إلى امرأة منهن أبدًا.
وروي أنه اقترض من بعض الصالحين نقودًا، وذهب إليه يردها فقال له الرجل: يا أبا عبد الله! ما دفعتها إليك أنا أنوي أن آخذها منك، فاحتفظ بهذا المال لك.
فقال أحمد بن حنبل: أنا ما أخذتها إلا وأنا أنوي أن أردها عليك، فخذ مالك وشكرًا لله ثم لك.
ويقول عبد الرزاق: قدم علينا أحمد بن حنبل ها هنا سنتين إلا قليلاً يطلب العلم، فقلت له: يا أبا عبد الله خذ هذا الشيء فانتفع به، فإن أرضنا ليست بأرض ولا بكسب.