وكان داود زرادًا (يصنع الزرد والدروع)، وكان آدم حراثًا، وكان نوح نجارًا، وكان إدريس خياطًا، وكان موسى راعيًا. (الحاكم).
والرجل غير القادر على الكسب لا تستطيع أن تستشيره.
يقول الشافعي: لا تشاور من ليس في بيته دقيق فإنه مولَّه العقل (?).
وروي أن شقيق البلخي أحد الصالحين ذهب في رحلة تجارية يضرب في الأرض، ويبتغي من فضل الله، وقبل سفره ودع صديقه الزاهد المعروف إبراهيم بن أدهم. حيث يتوقع أن يمكث في رحلته مدة طويلة، ولكن لم تمض إلا أيام قليلة حتى عاد شقيق، ورآه إبراهيم في المسجد، فقال له متعجبًا: ما الذي عجل بعودتك؟
قال شقيق: رأيت في سفري عجبا، فعدلت عن الرحلة.
قال إبراهيم: خيرًا وماذا رأيت؟
قال شقيق: أويت إلى مكان خرب لأستريح فيه فوجدت به طائرًا كسيحًا أعمى، وعجبت فقلت في نفسي: كيف يعيش هذا الطائر في هذا المكان النائي، وهو لا يبصر ولا يتحرك؟ ولم ألبث إلا قليلاً حتى أقبل طائر آخر بحمل له الطعام في اليوم مرات حتى يكتفي، فقلت: إن الذي رزق هذا الطير في هذا المكان قادر على أن يرزقني، وعدت من ساعتي.
فقال إبراهيم: عجبًا لك يا شقيق، ولماذا رضيت لنفسك أن تكون الطائر الأعمى الكسيح الذي يعيش على معونة غيره، ولم ترض لها أن تكون الطائر الآخر الذي يسعى على نفسه، وعلى غيره من العميان والمقعدين؟ أما علمت أن اليد العليا خير من اليد السفلى؟!!
فقام شقيق إلى إبراهيم وقبل يده وقال: أنت أستاذنا يا أبا إسحاق! (?)
لا يجوز التكاسل عن العمل بحجة أخذ الصدقات لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي" [الترمذي]. ومعنى المرة: القوي، والسوي: السليم الأعضاء.