حتى يؤثر شهوته على دينه. ويذكر ابن الجوزي: أن عمر رأى رجلا عظيم البطن فقال: ما هذه؟ قال: بركة من الله، فقال: بل عذاب من الله (?).

تنفيذ الأوامر

استدعى أبو موسى الأشعري مجزأة بن ثور السدوسي -رضي الله عنهما- فقال له: أعني برجل من قومك له عقل وحزم، وقدرة على السباحة، فقال مجزأة: اجعلني ذلك الرجل أيها الأمير، فطلب منه أبو موسى الذهاب مع دليل فارسي لمعرفة منفذ لفتح تستر، ثم أوصاه أن يحفظ الطريق، وأن يعرف وضع الباب، وأن يحدد مكان الهرمزان، وأن يتثبت من شخصه، وألا يحدث أمرا غير ذلك.

مضى مجزأة بن ثور تحت جنح الظلام مع الدليل الفارسي، فأدخله في نفق تحت الأرض يصل بين النهر والمدينة، فكان النفق يتسع تارة حتى يتمكن من الخوض في مائه وهو ماش على قدميه، ويضيق تارة أخرى حتى يحمله على السباحة حملا، وكان يتشعب ويتعرج مرة، ويستقيم مرة أخرى، وهكذا حتى بلغ به المنفذ الذي ينفذ منه إلى المدينة، وأراه الهرمزان قاتل أخيه، والمكان الذي يتحصن فيه، فلما رأى الهرمزان هم بأن يرديه بسهم في نحره، لكنه ما لبث أن تذكر وصية أبي موسى له بألا يحدث أمرا، فكبح جماح هذه الرغبة في نفسه، وعاد من حيث جاء قبل بزوغ الفجر.

أعد أبو موسى ثلاثمائة من أشجع جند المسلمين قلبا، وأشدهم جلدا وصبرا، وأقدرهم على العوم، وأمر عليهم مجزأة بن ثور وودعهم وأوصاهم وجعل التكبير علامة على دعوة جند المسلمين لاقتحام المدينة، أمر مجزأة رجاله أن يتخففوا من ملابسهم ما استطاعوا حتى لا تحمل من الماء ما يثقلهم، وحذرهم من أن يأخذوا معهم غير سيوفهم، وأوصاهم أن يشدوها على أجسادهم تحت الثياب، ومضى بهم في الثلث الأول من الليل .. ظل مجزأة بن ثور وجنده البواسل نحوا من ساعتين يصارعون عقبات هذا النفق الخطير، فيصرعونها تارة وتصرعهم تارة أخرى، ولما بلغوا المنفذ المؤدي إلى المدينة وجد مجزأة أن النفق قد ابتلع مائتين وعشرين رجلا من رجاله وأبقى له ثمانين، وما إن وطئت أقدام مجزأة وصحبه أرض المدينة حتى جردوا سيوفهم، وانقضوا على حماة الحصن،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015