هي منحة قدسية، ونعمة إلهية يقذفها الله عز وجل في قلوب المخلصين من عباده، والأصفياء من أوليائه، والأتقياء من خلقه، فالله تعالى يقول: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 63] وقال تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103].
لا أخوة بدون إيمان ولا إيمان بدون أخوة لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - بحديث يرفعه قال: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف" [رواه مسلم].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن من عباد الله لأناسًا ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى"، قالوا: يا رسول الله تخبرنا من هم؟ قال: "هم قوم تحابوا بروح الله بينهم على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، والله إن وجوههم لنور، وإنهم على نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس" [رواه أبو داود].
قال ابن السماك عند موته: اللهم إنك تعلم أني إذا كنت أعصيك كنت أحب من يطيعك، فاجعل ذلك قربة لي إليك.
وقال الفضيل في بعض كلامه: هاه تريد أن تسكن الفردوس وتجاور الرحمن في داره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين؟ بأي عمل عملته؟ بأي شهوة تركتها؟ بأي غيظ كتمته؟ بأي رحم قُطعت وصلتها؟ بأي زلة لأخيك غفرتها؟ بأي قريب باعدته في الله؟ بأي بعيد قاربته في الله؟.
وقال عبد الله بن سهل: سمعت يحيى بن معاذ يقول: ليكن حظ المؤمن منك ثلاثًا: