أفندي. وضحكنا جميعًا.

وفي اليوم التالي كان الشهيد محمد الصوابي الديب شخصًا آخر تمامًا، نظيف المظهر، حليق الذقن، وهو أبيض اللون، واسع العينين، متوسط الطول، نحيف الجسم.

ويقول الشيخ مخلوف: إن الخطة التي تم وضعها لإخفاء الشهيد نجحت تمامًا، فقد أعلنا على كل أفراد الأسرة أنه جاء لي سكرتير جديد اسمه صادق أفندي، ولم يعرف بالسر سوى أربعة أشخاص: أنا وابني الدكتور علي وابنتي الدكتورة زينت، وزوجة ابني الدكتورة سعاد الهضيبي، التي لم تتردد في الترحيب بالشهيد رغم أن والدها المرشد العام للإخوان المسلمين حسن الهضيبي وجميع إخوتها في السجن.

ويضيف الشيخ مخلوف: إن الشهيد محمد الصوابي الديب، أو صادق أفندي، كان فعلاً سكرتيرًا ممتازًا، وعاونني كثيرًا في عملي، وبخاصة في الكتب التي أخرجتها في ذلك الوقت، وكان الشهيد يصحبني دائمًا في كل مكان أذهب إليه، وقد اعتبرته فعلاً سكرتيري الخاص.

عاش صادق أفندي لمدة ثمانية أشهر مع أفراد أسرة الشيخ حسنين مخلوف كأنه واحد منهم، يأكل معهم ويعيش معهم، حيث كان الشيخ يطلب منه دائمًا الإجابة عن الاستفسارات الدينية الكثيرة التي ترد إليه باعتباره مفتيًا للديار المصرية، وكان الشهيد يسكن في حجرة منفصلة بحديقة المنزل بها صالون ومكتبة كبيرة وغرفة نوم وحمام خاص، تم تخصيصها لصادق أفندي.

يقول الشيخ حسنين مخلوف: وفي أحد أيام صيف 1955م، جاءني صادق أفندي وقال لي إنه يريد السفر إلى السعودية ليعمل هناك، وحاولت أن أثنيه عن ذلك، ولكنه أصر وأخبرني أن هناك شخصًا قد أعد له الرحلة بالباخرة عن طريق السويس إلى جدة.

إن قلبي لم يطمئن واستعنت بابني الدكتور علي لإقناعه بعدم السفر، ولكن دون جدوى، وقال: إنه يريد أن يكون نفيه هناك، ويستريح من القلق الذي يعانيه كهارب، رغم إجادته لشخصية صادق أفندي، وغادرنا الشهيد البطل بعد أن وعدنا بأن يرسل لنا برقية فور وصوله إلى السعودية لكي نطمئن، وأرسلت إلى المرحوم محمد سرور الصبان مستشار الملك سعود ليهيئ له عملاً عند وصوله إلى هناك، ولقد مضى على سفر الشهيد حوالي الشهر، ولم تصل أي برقية تفيد بوصوله هناك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015