وكنت في بريطانيا؛ للحصول على الدكتوراه، فدعيت إلى محاضرة عن "الإسلام والأديان المعاصرة" وكانت في مقر اتحاد للطلبة هناك، كانوا يلتقون ليلة الجمعة من كل أسبوع في حوار مفتوح على أي قضية من القضايا، فسمعوا أن هناك شابًا مسلمًا قد أتى للحصول على الدكتوراه، فدعوني لهذه المحاضرة، وبعد أن تحدثت عن الإسلام وعلاقته بالأديان الأخرى، قامت رئيسة ذلك النادي، وقالت: يا سيدي، يبدو أن مستوى دراستك في الأديان أعلى من مستوانا جميعًا، لذلك فنحن لن نستطيع مناقشتك، فهل لديك مانع في تأجيل الحوار للأسبوع القادم، حتى نتمكن من دعوة أحد القساوسة الكاثوليك، الذي قد عاش في الشرق لسنوات طويلة، وله معرفة جيدة باللغة العربية، حتى يكون الحوار به شيء من التكافؤ؟ فقبلت ذلك، وتم تأجيل الحوار للأسبوع التالي، وذهبت إلى هناك في الأسبوع التالي، وقابلت ذلك الرجل، فإذا برجل قد جاوز الستين من عمره، وقد عاش فترة طويلة في مصر والعراق وليبيا وكثير من الدول العربية.
وبدأ الحوار بيننا، والذي استمر أكثر من ساعة ونصف، قامت بعدها المرأة أيضًا قائلة له: يا سيدي يبدو أن هذا الشاب أكثر تمكنًا منك في قضية الأديان، لذلك فأنا أعتذر اليوم مرة أخرى، وأدعو لاستمرار الحوار في الأسبوع القادم وأقوم بدعوة "البيشوب" -وهو رئيس الكنيسة في منطقة مجاورة-.
وأتى هذا الرجل في الأسبوع التالي، وقامت المدينة باحتفال كبير لاستقباله، حضره الكثير من رجال الصحافة والإذاعة والتليفزيون، ثم التقيت به في حوار طال أكثر من ساعة، قامت بعدها هذه السيدة قائلة: لقد مارست الكاثوليكية مدة خمسة وعشرين عامًا، ولكنني أعترف أمام الجميع أنني ما شعرت يومًا بمعنى الألوهية كما يشعر بها هذا الشاب، ثم تركت القاعة وخرجت، ثم علمت بعد ذلك أنها أسلمت، وحسن إسلامها، وأبلت بلاء حسنًا في الدعوة إلى الله في بريطانيا (?).
هذا ما دفع بعض قياداتهم -وهو أحد العلماء الأمريكيين- يوم وقف أمام جمع من المسلمين قائلاً: يا أيها المسلمون، إنكم لن تستطيعوا أن تسايروا الغرب تقنيًا ولا علميًا ولا اقتصاديًا ولا سياسيًا ولا عسكريًا، ولكنكم تستطيعون أن تجعلوا هذا