الإسلام دين شامل ولا يحبذ عزل الجانب الاجتماعي عن الأخلاقي عن التعبدي، فالمجتمع الذي تجد فيه تضخم الجانب التعبدي على الجانب الأخلاقي فتلك آفة العصر لا آفة الدين، إن الدين الإسلامي ليس بعقيدة فحسب ولكنه برنامج تفصيلي لحياة الإنسان كلها، فإن بترت الرجلين واليدين من جسم رجل وقلعت عينيه وقطعت أذنيه ولسانه واستخرجت معدته وكليته ونزعت رئتيه، وأخرجت المخ وأبقيت على القلب فهل سيمكن لهذا الجزء الباقي من الجسم أن يحيا وينبض؟! وهكذا الحال مع الإسلام فالعقيدة منه بمنزلة القلب، والعبادات أعضاؤه وجوارحه، ونظم الإسلام الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بمنزلة المعدة والكلية.
الحرب على الإسلام والمسلمين مستمرة، وباتت ثمرتهم قريبة المنال بعد أن أغرقوا الشعوب الإسلامية في مستنقع الجهل، وتفسخت الأخلاق، وتلاشت القيم، ونسي الله، وهم يعملون ليل نهار على تشويه صورة الإسلام، وتقديم مفاهيم خاطئة عن الإسلام والمسلمين، مما أثر على بعض المسلمين في فهمهم لدينهم، فأخذوا يعبدون الله على جهل أو خطأ؛ ومن هنا كانت أهمية فهم الإسلام فهمًا شاملاً لكل نواحي الحياة، وأهمية فهم فقه الأولويات وترتيب الأعمال في الإسلام، حتى لا نهتم بالسنن على حساب الواجبات، ولا بالنوافل مع إهمال الفروض.
صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتركون دفن الرسول - صلى الله عليه وسلم -وكلنا يعرف مكانته في قلوبهم- من أجل اختيار خليفة للمسلمين؛ لأنهم تربوا في مدرسة النبوة على كيفية ترتيب أولوياتهم، فوجود المسلمين بدون خليفة أخطر على الإسلام من تأخير دفن الرسول، فلما انتهوا من اختيار أبي بكر خليفة للمسلمين سارعوا بدفن الرسول دون أن يخرج من بينهم صوت يندد بفعلتهم، فالكل يفهم الإسلام جيدًا، ويعرف سلم الأولويات وترتيب الدرجات معرفة صحيحة (?).