لها بكل عطف ورحمة: إنني أستأذنك أن تأتي معي إلى الجنة، فاستجابت الفتاة وقالت: وأين هي الجنة؟ قالت: في بيت من بيوت الله، فاستجابت لها الفتاة ودخلت معها المسجد فوجدت أن الكل ينظر إليها نظرة عجيبة، فأشفقت عليها (هدى) وأسرعت إلى خارج المسجد واشترت لها حجابا، وقالت لها: البسي هذا الحجاب حتى لا ينظر إليك أحد، وبعد المحاضرة انزعيه إن شئت .. فقامت الفتاة وارتدت الحجاب لأول مرة، بل وأزالت المساحيق من على وجهها وتوضأت لأول مرة، وصلت المغرب واستمعت إلى الدرس (وكان عن وصف الجنة والنار) ثم صلت العشاء، ولما كان وقت الانصراف قالت لها هدى: الآن تستطيعين أن تنزعي الحجاب إن شئت، فقالت لها الفتاة: والله لقد ذقت حلاوة الإيمان فلن أخلع الحجاب أبدا ولن أترك الصلاة، بل سكون داعية إلى الله وسأجعل حياتي وقفا لله عز وجل.
وما هي إلا لحظات حتى خرجت من المسجد فصدمتها سيارة فماتت، وسالت الدماء الشريفة التي تحركت لدين الله واحترقت شوقا للقاء الله فرزقها الله حسن الخاتمة بعد أن كانت منذ ساعة واحدة ممن قال فيهن رسول الله: "صنفان من أهل النار لم أرهما ... "، وذكر منهما "ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها". [مسلم] (?).
10 - حب الدعوة:
راحتي في الدعوة إلى الله تعالى:
يقول الشيخ محمد إسماعيل حفظه الله:
أعرف أخا يعيش في ألمانيا، أحسبه -والله حسيبه- مجتهدا في الدعوة إلى الله غاية الاجتهاد، حتى لا يكاد يذوق طعاما لراحة، وقد استحوذت الدعوة على كل كيانه، حتى أرهق نفسه، وشغل عن بيته وأهله وولده، فرأى إخوانه أن يمنح عطلة إجبارية، وذهبوا به بصحبة أسرته إلى منتجع ناء لا يعرفه فيه أحد، ولا يعرف فيه أحدا، كي يهنأ ببعض الراحة، وواعدوه أن يعودوا لإرجاعه بعد أيام، ولما رجعوا إليه وجدوه قد أسس جمعية إسلامية في هذا المكان قوامها بعض العمال المغاربة وغيرهم ممن انقطعت صلتهم بالدين،