كان صلاح الدين الأيوبي يقف بجوار خصمه أمام القضاء دون أن يرى في ذلك حرجًا أو غضاضة؛ لأن الحق في نظره أحق أن يتبع، وقد حدث أن ادعى تاجر يدعى (عمر الخلاطي) على صلاح الدين أنه أخذ منه أحد مماليكه ويدعى (سنقر)، واستولى على ما كان لهذا المملوك من ثروة طائلة بدون وجه حق، وعندما تقدم التاجر المدعي بظلامته إلى القاضي ابن شداد، أظهر صلاح الدين حلمًا كبيرًا ورضى أن يقف موقف الخصم من صاحب الدعوى، وأحضر كل من الطرفين من لديه من شهود، وما لديه من أدلة يثبت بها رأيه، حتى اتضح في النهاية -عند القاضي- كذب الرجل وادعاؤه الباطل على صلاح الدين، ومع كل هذا رفض صلاح الدين أن يترك المدعي يخرج من عنده خائنًا فأمر له بخلعة ومبلغ من المال، ليدلل على كرمه في موضع المؤاخذة مع القدرة (?).
احرص على قلوب إخوانك قبل حصولك على حقك.
أوقع أعداء الإسلام بين ابن تيمية وسلطان مصر والشام، فنُقل إلى مصر وتمت محاكمته بحضور القضاة وكبار رجال الدولة، فحكموا عليه بالحبس سنة ونصفًا في القلعة، ثم أخرجوه من السجن، وعقدوا جلسة مناظرة بينه وبين منافسيه وخصومه، فكسب ابن تيمية المناظرة، ورغم ذلك لم يتركه الخصوم، فنفي إلى الشام، ثم عاد مرة أخرى إلى مصر وحُبس، ثم نقل إلى الإسكندرية حيث حبس هناك ثمانية أشهر، واستمرت محنة "ابن تيمية" واضطهاده إلى أن عاد إلى القاهرة حيث قرر السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون براءته من التهم الموجهة إليه، وأعطاه الحق في عقاب خصومه الذين كانوا السبب في عذابه واضطهاده، لكن الإمام ابن تيمية فضل أن يعفو عنهم!! وهكذا تكون شيم الكرام (?).