نصلي الظهر في المسجد المجاور للمدرسة، وذات يوم مر إمام المسجد فرأى كثيرًا من التلاميذ، زاد على ثلاثة صفوف أو أربعة فخشي الإسراف في الماء، والبلى للحصير، فانتظر حتى أتم المصلون صلاتهم، ثم فرقهم بالقوة مهددًا ومنذرًا ومتوعدًا، فمنهم من فر، ومنهم من ثبت، وأوحت إلى خواطر التلمذة أن أقتص منه ولابد، فكتبت إليه خطابًا ليس في إلا هذه الآية: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 52] وبعثت الخطاب بالبريد، ثم عرف الشيخ ممن جاءته هذه الضربة، فقابل الوالد شاكيًا، فأوصاه بالتلاميذ خيرًا، وكانت له معنا مواقف طيبة بعد ذلك، واشترط علينا أن نملأ صهريج المسجد بالماء قبل انصرافنا وأن نعاونه في جمع تبرعات للحصر، فأعطيناه ما شرط (?).
هل تتعاون مع إمام السجد لمصلحة المسلمين؟
على الزوجة أن تعاون زوجها كما فعلت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما زوجة الزبير بن العوام قالت أسماء -رضي الله عنها-: كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله، وكان له فرس وكنت أسوسه، وأقوم عليه، وكانت رضي الله عنها تعلفه، وتسقي الماء، وتخرز الدلو، وتنقل النوى على رأسها من أرض له على ثلثي فرسخ.
فعلى الزوجة أن تتحمل زوجها، وتقف بجانبه في أوقات الشدة.
في غزوة بدر يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-:
بينما رجل من المسلمين يشتد في إثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "صدقت، وذلك هدد من السماء الثالثة"، وجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيرًا، فقال العباس: إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح (الذي انحسر الشعر عن جانب رأسه) من أحسن الناس وجها