هاتفي وعنواني، وأخبرني أنه يعيش فراغا نفسيا قاتلا، فكتبت له ما أراد.
وبعد أيام جاءني في البيت، لقد تغير وجهه وتبدلت ملامحه، فقد أطلق لحيته وشع نور الإيمان في وجهه. جلست معه، فجعل يحدثني عن تلك الأيام التي قضاها في التسكع في الشوارع والطرقات وإيذاء المسلمين والمسلمات، فأخذت أسليه، وأخبرته بأن الله سبحانه واسع المغفرة، وتلوت عليه قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
فانفرجت أسارير وجهه، واستبشر خيرا، ثم ودعني وطلب مني أن أرد الزيارة، فهو في حاجة إلى من يعينه على السير في الطريق المستقيم، فوعدته بالزيارة.
مضت الأيام، وشغلت ببعض مشاغل الحياة الكثيرة، وجعلت أسوِّف في زيارته.
وبعد عدة أيام، وجدت فرصة وذهبت إليه، طرقت الباب فإذا بشيخ كبير يفتح الباب، وقد ظهرت عليه آثار الحزن والأسى، إنه والده.
سألته عن صاحبي، أطرق برأسه إلى الأرض، وصمت برهة ثم قال بصوت خافت:
يرحمه الله ويغفر له، ثم استطرد قائلا: حقا إن الأعمال بالخواتيم. ثم أخذ يحدثني عن حاله وكيف أنه كان مفرطا في جنب الله بعيدا عن طاعة الله، فمنَّ الله عليه بالهداية قبل موته بأيام، لقد تداركه الله برحمته قبل فوات الأوان.
فلما فرغ من حديثه عزيته ومضيت، وقد عاهدت الله أن أبذل النصيحة لكل مسلم (?).
1 - عدم كتمان النصيحة:
قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "حق المسلم على المسلم ست"، قيل: ما هي يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه" [رواه مسلم].
2 - أن يكون قدوة: كتب رجل إلى صديق له: أما بعد فعظ الناس بفعلك، ولا تعظهم بقولك، واستح من الله بقدر قربه منك، وخفه بقدر قدرته عليك، والسلام.