وتجدون مثله لم آمر بها ولم تسؤني، فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فجاءه فقال له أبو سفيان: أنشدك الله ياعمر، أقتلنا محمدا؟
قال عمر: اللهم لا، وإنه ليسمع كلامك الآن، قال: أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر؛ لقول ابن قمئة لهم: إني قد قتلت محمدا.
كان في سؤال أبي سفيان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر دلالة واضحة على اهتمام المشركين بهؤلاء دون غيرهم، لأن في علمهم أنهم أهل الإسلام، وبهم قام صرحه، وأركان دولته، وفي موتهم يعتقد المشركون أنه لا يقوم الإسلام بعدهم، وكان السكوت عن إجابة أبي سفيان أولا تصغيرا له، حتى إذا انتشى وملأه الكبر أخبروه بحقيقة الأمر وردوا عليه بشجاعة (?).
كان المعتصم بالله شجاعا، كتب إليه ملك الروم يهدده، فأمر أن يقرأوا له رسالته، فلما قرئت أمر برميها، وقال للكاتب: اكتب: أما بعد فقد قرأت كتابك، وسمعت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 42] (?).
دخل أبو بكر - رضي الله عنه - المدراس (مكان يتلو فيه اليهود التوراة) فوجد فيها ناسا قد اجتمعوا إلى رجل منهم، يقال له فنحاص، وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبر من أحبارهم، يقال له: أشيع، فقال أبو بكر لفنحاص: ويحك! اتق الله وأسلم فوالله إنك تعلم أن محمدا لرسول الله، قد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل، فقال فنحاص لأبي بكر: والله يا أبا بكر، ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء وما هو عنا بغني، ولو كان عنا غنيا ما استقرضنا أموالنا، كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطيناه، ولو كان غنيا ما أعطانا الربا، فغضب أبو بكر، فضرب وجه فنحاص ضربا شديدا، وقال: والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت رأسك أي عدو الله.