فسارع أخي الحبيب إلى التوبة والاستغفار، واعلم أن الله غفور رحيم، يغفر الذنوب جميعا.

عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - سبي، فإذا امرأة من السبي تحلب ثديها إذ وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار" قلنا: لا وهي أقدر على أن تطرح، فقال: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها" [رواه البخاري].

من مظاهر رحمة الله

منها الرحمة العامة؛ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا وأنزل في الأرض جزءا واحدا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه" [رواه البخاري].

ومنها إذا تاب العبد بدل الله سيئاته حسنات، قال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70].

ومن رحمته إرسال الرسل إلى الناس ليأخذوا بأيديهم إلى الصواب مبشرين ومنذرين، قال تعالى: {إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الدخان: 5 - 6].

ومن رحمته إنزال الكتاب المبين، قال تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3)} [لقمان: 2 - 3].

ومن رحمته إباحة المحظور، قال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173].

ومن رحمته إنجاؤه للمؤمنين حين يأخذ الكفار بالعذاب، قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} [هود: 58].

إذا منع الله عبده رزقا فهو من رحمته؛ قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)} [العلق: 6 - 7]. فالناس في نظر الله كالمرضى يعطيهم الدواء على قدر الداء، فإذا أعطى الفقر أو المرض للإنسان فقد أعطاه دواء مرا في باطنه الرحمة، فالمرارة نعمة، فقد يمنع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015