يكون لكل واحد منهما حرية استعمال البئر يوما مستقلا، وإما أن يضع كل واحد منهما دلوا خاصا على البئر، فرأى عثمان أنه إذا اختار يوما مستقلا فإن ذلك يكون أنفع للمسلمين فاختار يوما، فكان المسلمون يأخذون ما يكفيهم من الماء في يوم عثمان، فلما رأى صاحب البئر ذلك ذهب إلى عثمان، وقال له: أفسدت عليَّ بئري فاشتر النصف الآخر، فاشتراه عثمان ووهبه للمسلمين.
في عهد الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أصاب الناس قحط شديد، وكانت قافلة من الشام مكونة من ألف جمل، محملة بأصناف الطعام واللباس قد حلت لعثمان في أرض المدينة، فتراكض التجار عليه، يطلبون أن يبيعهم هذه القافلة، فقال لهم: كم تعطوني؟
قالوا: خمسة في المائة.
قال: إني وجدت من يعطيني أكثر.
فقالوا: ما نعلم في التجار من يدفع أكثر من هذا الربح.
فقال لهم: إني وجدت من يعطيني على الدرهم سبعمائة فأكثر، إني وجدت الله يقول: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261] هل عندكم يا معشر التجار زيادة؟ إني أشهدكم يا معشر التجار، أن القافلة وما فيها من بر ودقيق وزيت وسمن ولباس قد وهبتها لفقراء المدينة، وإنها صدقة على فقراء المسلمين (?).
تعرض إبراهيم بن عيينة لضائقة مالية، وسجن بسبب دين كان عليه، فسارع إخوانه الفقهاء إلى جمع قيمة الدين الذي عليه ليفرج عنه، ولكن أبا حنيفة يؤدي وحده كل ما عليه ويطلب أن يرد ما يجمعه العلماء إليهم.
وكان أبو حنيفة ينتهز الفرص لتوزيع المال، فقد أهدى إليه صديق منديلا لا تزيد قيمته على ثلاثة دراهم، فأهدى إليه قطعة خز قيمتها خمسون درهما.