فأرادته عن نفسه فأبى وقال: اتقي الله أيتها المرأة، فجعلت لا تكف عنه ولا تلتفت إلى قوله، فلما أبى عليها صاحت عليه، فجاء الناس، فقالت: إن هذا دخل عليّ يريدني عن نفسي، فوثبوا عليه وجعلوا يضربونه وأوثقوه.
فلما صلى عمر الغداة فقده، فبينا هو كذلك إذ جاءوا به في وثاق، فلما رآه عمر قال: اللهم لا تخلف ظني به، قال: ما لكم؟ قالوا: استغاثت امرأة بالليل، فجئنا فوجدنا هذا الغلام عندها، فضربناه وأوثقناه، فقال عمر: اصدقني، فأخبره بالقصة على وجهها.
فقال له عمر: أتعرف العجوز؟ قال: نعم، إن رأيتها عرفتها، فأرسل عمر إلى نساء جيرانها وعجائزهن، فجاء بهن فعرضهن فلم يعرفها فيهن، حتى مرت به العجوز، فقال: هذه يا أمير المؤمنين، فرفع عمر عليها الدرة، وقال: اصدقيني، فقصت عليه القصة كما قصها الفتى، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل فينا شبيه يوسف (?).
قيل لأبي بكر المسكي: إنا نشم منك رائحة المسك مع الدوام، فما سببه؟
فقال: والله لي سنين عديدة لم أستعمل المسك، ولكن سبب ذلك أن امرأة احتالت عليّ حتى أدخلتني دارها، وأغلقت دوني الأبواب، وراودتني عن نفسي، فتحيرت في أمري، فضاقت بي الحيل، فقلت لها: إن لي حاجة إلى الطهارة، فأمرت جارية لها أن تمضي بي إلى بيت الراحة، ففعلت.
فلما دخلت بيت الراحة أخذت العذرة، وألقيتها على جسمي، ثم رجعت إليها، وأنا على تلك الحالة، فلما رأتني دهشت، ئم أمرت بإخراجي فمضيت واغتسلت.
فلما كانت تلك الليلة رأيت في المنام قائلا يقول لي: "فعلت ما لم يفعله أحد غيرك، لأطيبن ريحك في الدنيا والآخرة" فأصبحت والمسك يفوح مني، واستمر ذلك إلى الآن.
يحكى أن رجلاً اسمه المبارك كان عبدًا رقيقًا لرجل غني اسمه نوح ابن مريم، فطلب منه سيده أن يذهب ليحرس البساتين التي يملكها فذهب.