جاذويه، وهنا تذكر القعقاع مصيبة المسلمين الكبرى وهزيمتهم يوم الجسر على يد هذا القائد فأخذته حميته الإسلامية فنادى فقال: يا لثارات أبي عبيد وسليط وأصحاب الجسر، ولابد أن هذا القائد الفارسي بالرغم مما اشتهر به من الشجاعة قد انخلع قلبه من هذا النداء، فقد قال أبو بكر - رضي الله عنه - عن القعقاع: لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل، فكيف سيثبت له رجل واحد مهما كان في الشجاعة وثبات القلب، ولذلك لم يمهله القعقاع فأوقعه أمام جنده قتيلاً، فكان لقتله بهذه الصورة أثر كبير في زعزعة الفرس ورفع معنويات المسلمين، لأنه كان قائدًا لعشرين ألف مقاتل من الفرس، ثم نادى القعقاع مرة أخرى: من يبارز؟ فخرج إليه رجلان، فانضم إلى القعقاع الحارث بن ظبيان بن الحارث أخو بني تيم، وقُتل الرجلان المبارزان من الفرس على يد القعقاع والحارث، وهكذا قضى القعقاع في أول النهار على قائدين من قادة الفرس الخمسة، ولا شك أن ذلك أوقع الفرس في الحيرة والاضطراب، وساهم ذلك في تدمير معنويات أفراد الجيش الفارسي.

اجلس مع نفسك وفكَّر في وسائل عملية لنصرة الإسلام.

المسئولية فردية

يقول تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286].

يقول سيد قطب:"فردية التبعة، فلا تنال نفس إلا ما كسبت، ولا تحمل نفس إلا ما اكتسبت، فردية التبعة، ورجعة كل إنسان إلى ربه بصحيفته الخاصة، وما قيد فيها له أو عليه، فلا يحيل على أحد، ولا ينتظر عون أحد، ورجعة الناس إلى ربهم فرادى من شأنهم -حين يستيقنها القلب- أن تجعل كل فرد وحدة إيجابية لا تنزل عن حق الله فيها لأحد من عباده إلا بالحق، فهو مسئول عن نفسه هذه، وعن حق الله فيها، وحق الله فيها هو طاعة في كل ما أمر به وفي كل ما نهى عنه، وعبوديتها له وحده شعورا وسلوكًا فإذا فرط في هذا الحق لأحد من العبيد تحت الإغراء والضلال، أو تحت القهر والطغيان -إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان- فما أحد من تلك العبيد يدافع عنه يوم القيامة ولا شافع له، وما أجد من تلك العبيد بحامل عنه شيئًا من وزره ولا ناصر له من الله واليوم الآخر" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015