فضول أوقاتهم وجهدهم، ولا طالبي الأضواء والشهرة.
قال تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)} [النمل: 17 - 18].
ونلاخظ إيجابية النملة في تحذير قومها من الأخطار المحيطة بهم، فهي أمرت وحذرت، واعتذرت عن سليمان وجنوده بعدم الشعور، وخاطبت أمتها بالقول السديد والرأي الرشيد، فهل فكرت يومًا في تحذير قومك من مؤامرات الأعداء؟
قال تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25)} [يس: 20 - 25].
إنها استجابة الفطرة السليم لدعوة الحق المستقيمة، فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها، وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان تحركت هذه الحقيقة في ضميره، فلم يطق عليها سكوتًا، ولم يقبع في داره بعقيدته وهو يرى الضلال من حوله، ولكنه سعى بالحق الذي استقر في ضميره إلى قومه، وهذه هي الإيجابية.
بعد أن صب فرعون بطشه على بني إسرائيل، فكر في قتل موسى ومن معه، وقامت الاجتماعات، وعقدت المؤتمرات، وبينما هم يتشاورون إذا برجل منهم، كان يكتم إيمانه بموسى من قبل، فلما رأى تآمرهم على قتل موسى، ضاق ذرعًا: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28)} [غافر: 28].
أقام مؤمن آل فرعون الحجة على فرعون وجنوده، بأحلى عبارة، وأجمل إشارة، وفي