وكان عمر يضرب قدميه بالدرة إذا جنه الليل ويقول لنفسه: ماذا عملت اليوم؟

وعن ميمون بن مهران أنه قال: لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه، والشريكان يتحاسبان بعد العمل.

وتروي أم المؤمنين عائشة: أن أبا بكر رضي الله عنه قال لها عند الموت: ما أحد أحبَّ إليَّ من عمر، ثم قال لها: كيف قلت؟ فأعادت عليه ما قال فقال: لا أحد أعزَّ عليَّ من عمر.

فانظر كيف نظر بعد الفراغ من الكلمة فتدبر لها وأبدلها بكلمة غيرها.

وقال محمد بن علي الترمذي: اجعل مراقبتك لمن لا تغيب عن نظره إليك، واجعل شكرك لمن لا تنقطع نعمه عنك، واجعل طاعتك لمن لا تستغني عنه، واجعل خضوعك لمن لا تخرج عن ملكه وسلطانه.

وقال الحسن: المؤمن قوام على نفسه يحاسبها لله، وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة.

ثم فسر المحاسبة فقال: المؤمن يفجؤه الشيء يعجبه فيقول: والله إنك لتعجبني وإنك من حاجتي ولكن هيهات، حيل بيني وبينك، وهذا حساب قبل العمل.

ثم قال: ويفرط في الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول: ماذا أردت بهذا؟ والله لا أعذر بهذا، والله لا أعود إلى هذا أبدا إن شاء الله، وهذا حساب بعد العمل (?).

ويقول معاذ بن عون الضرير: كنت أكون قريبًا من الجبان -المقابر- فكان يمر بي رياح القيسي بعد المغرب إذا خلت الطريق، فكنت أسمعه وهو يتشنج بالبكاء، وهو يقول: إلى كم يا ليل يا نهار، تحطان من أجلي، وأنا غافل عما يراد بي؟ إنا لله، إنا لله، فهو كذلك حتى يغيب عني وجهه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015