المسلمين صغيرا كان أو كبيرا أن يتورع ويتعفف عن أموال الناس، ولا يحابي أهله.
روى مالك والبيهقي عن زيد بن أسلم، قال: شرب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لبنًا فأعجبه فسأل الذي سقاه: من أين لك هذا اللبن؟ فأخبره أنه ورد على ماء فإذا نعم من نعم الصدقة .. وهم يسقون فحلبوا لنا من ألبانها فجعلته في سقائي هذا. فأدخل عمر إصبعه فاستقاءه.
ويقول المسور بن مخرمة: كنا نلزم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نتعلم منه الورع.
كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شديدا في محاسبة نفسه وأهله، وكان إذا نهى الناس عن شيء تقدم إلى أهله، فقال: إني نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وإني -والله- لا أوتى برجل وقع فيما نهيت الناس عنه إلا أضعفت له العذاب، لمكانه مني، فمن شاء منكم أن يتقدم، ومن شاء منكم أن يتأخر.
وقد منع عمر أهله من الاستفادة من المرافق العامة التي رصدتها الدولة لفئة من الناس، خوفا من أن يحابى أهله به، قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: اشتريت إبلا أنجعتها الحمى (أدخلتها أرضا مخصصة لرعاية الإبل) فلما سمنت قدمت بها، قال: فدخل عمر السوق فرأى إبلا سمانا، فقال: لمن هذه الإبل؟ فقيل: لعبد الله بن عمر، قال: فجعل يقول: يا عبد الله بن عمر بخ بخ! ابن أمير المؤمنين قال: ما هذه الإبل؟ قال: قلت: إبل اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى أبتغي ما يبتغي المسلمون، قال: فقال: فيقولون: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبد الله بن عمر اغد إلى رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين.
حتى لا يقال إن عمر قام بمحاباة ابنه على غيره، وحتى لا تقدم له مميزات لم تقدم لباقي الرعية.
قال معيقيب: أرسل إليَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مع الظهيرة، فإذا هو في بيت يطالب