ليهوى في حفر الرياء.

قال بعضُ السَّلَفِ: قُل للمرائي لا تَتعَب!!

ولهذا قال العلامة ابن قيم الجوزية -رحمه الله-:

"لا يجتمعُ الإخلاصُ في القلبِ ومحبةُ المدحِ والثناءِ والطمعُ فيما عِندَ الناس، إلا كما يجتمعُ الماءُ والنارُ، والضب والحوتُ، فإذا حدثتكَ نفسُكَ بطلب الإخلاصِ فأقبِل على الطمع أولًا فاذبحهُ بسِكين اليأسِ، وأقبِل على المدح والثناء، فازهَدْ فيهما زُهدَ عُشاقِ الدنيَا في الآخرة، فإذا استقامَ لك ذَبحُ الطمع والزهدُ في الثناءِ والمدح سَهُلَ عليك الأخلاصُ.

فإن قلت: وما الذي يسهلُ على ذَبحَ الطَّمعِ، والزهدَ في الثناءِ والمدح؟

قلتُ: أما ذَبحُ الطمع فيُسَهِّلُه عليك عِلمُكَ يقينًا أنه ليس من شيءٍ يُطمَعُ فيه إلا وبيد الله وحدَه خزائنُه لا يملكُهَا غيرُه، ولا يُؤتي العبدَ منها شيئًا سواه، فاطلبه من الله، وأما الزهدُ في الثناء والمدح، فيسهلُه عليكَ علمك أئه ليس أحدٌ ينفعُ مدحُه ويزينُ، ويضرُّ ذمُّه وَيشِينُ، إلا الله وحدَه، كما قال ذلك الأعرابي للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ حَمدِي زَينٌ، وإنَّ ذَمِّي شَينٌ. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ذاكَ اللهُ عز وجل" (?).

فازهد في مدح من لا يَزِينُكَ مَدحُه، وفي ذمِّ من لا يَشنيُك ذمُّه، وارغَب في مدحِ من كل الزين في مدحهِ، وكلُّ الشَّينِ في ذمَّه، ولن يُقدَرَ على ذلك إلا بالصبر واليقين، فمتى فقدتَ الصبرَ واليقينَ كنتَ كمن أرادَ السفَر في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015