أيدي الناس نزاهة محمودة، فالصيانةِ العنايةُ بالنفسِ، من أن تشوبها شوائب القدح وخوارم المروءة، أو تتلوث بالعثرات، أو تتسامح بالزلات، فالريبة مذمة، فالاتكاءِ على فضيلة العلم لا يكفي، والاعتماد على ثقة الناس لا يفي.
قال ابن جماعة -رحمه الله-:
"أن يُنزَّه علمه عن جعله سُلمًا يتوصل به إلى الأغراض الدنيوية؛ من جاهٍ، أو مالٍ، أو سمعةٍ، أو شُهرةٍ، أو خدمة، أو تقدم على أقرانه .. ، وكذلك يُنزهُه عن الطمع في رفقٍ من طلبته بمالٍ أو خدمة، أو غيرهما بسببٍ انشغالهم عليه وتردُّدهم إليه" (?).
وقال الماوردي -رحمه الله-: "ومن آدابهم: نزاهةُ النفسِ عن شُبه المكاسب، والقناعةُ بالميسور عن كدِّ المطالب؛ فإن شُبهة المكسب إثم، وكد الطلب ذُل، والأجرُ أَجدرُ به من الإثم، والعزُّ أَليقُ به من الذُّل" (?).
قال الماوردي -رحمه الله-: "ولعمرِي إن صِيانةَ النفسِ أَصلُ الفضائل؛ لأَنَّ من أَهمل صِيانة نَفسهِ ثقةً بما منحهُ العلمُ من فضيلتهِ، وتوكلًا على ما يلزمُ الناسَ من صيانتهِ، سلبوهُ فضيلةَ علمه، ووسموهُ بقبيحِ تبذُّله، فلم يفِ ما أَعطَاهُ العلمُ بما سلبهُ التبَذْلُ؛ لأَن القبيحَ أَتم من الجميل، والرذيلةُ أَشهرُ من الفَضيلةِ؛ لأَن النَّاس لما في طبائعهم من البغضةِ والحسدِ ونزاع المُنافسةِ تنصرفُ عُيُونُهم عن المحاسن إلى المساوئ، فلا ينصفُون مُحسِنًا، ولا