قال ابن أبي الدنيا: (واعلم أن للكذاب قبل خبرته أمارات دالة عليه.
- فمنها: أنك إذا لقنته الحديث تلقنه ولم يكن بين ما لقنته وبين ما أورده فرق عنده.
- ومنها: أنك إذا شككته فيه تشكك حتى يكاد يرجع فيه، ولولاك ما تخالجه الشك فيه.
- ومنها: أنك إذا رددت عليه قوله حصر وارتبك ولم يكن عنده نصرة المحتجين، ولا برهان الصادقين. ولذلك قال علي بن أبي طالب: الكذاب كالسراب.
- ومنها: ما يظهر عليه من ريبة الكذابين وينم عليه من ذلة المتوهمين؛ لأن هذه أمور لا يمكن الإنسان دفعها عن نفسه؛ لما في الطبع من آثارها. ولذلك قالت الحكماء: العينان أنم من اللسان. وقال بعض البلغاء: الوجوه مرايا تريك أسرار البرايا.
وقال بعض الشعراء:
تريك أعينهم ما في صدورهم إن العيون يؤدي سرها النظر.
وإذا اتسم بالكذب نسبت إليه شوارد الكذب المجهولة، وأضيفت إلى أكاذيبه زيادات مفتعلة حتى يصير الكاذب مكذوبا عليه، فيجمع بين معرة الكذب منه ومضرة الكذب عليه) (?).