- وعن ثابت بن الضحاك- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جهنم)) (?).

(ومعنى الحديث النهي عن الحلف بما حلف به من ذلك والزجر عنه، وتقدير الكلام: من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا، فهو كما قال، يعنى فهو كاذب حقا، لأنه حين حلف بذلك ظن أن إثم الكذب واسمه ساقطان عنه لاعتقاده أنه لا حرمة لما حلف به، لكن لما تعمد ترك الصدق في يمينه، وعدل عن الحق في ذلك، لزمه اسم الكذب، وإثم الحلف، فهو كاذب كذبتين: كاذب بإظهار تعظيم ما يعتقد خلافه، وكذب بنفيه ما يعلم إثباته أو بإثبات ما يعلم نفيه. فإن ظن ظان أن في هذا الحديث دليل على إباحة الحلف بملة غير الإسلام صادقا لاشتراطه في الحديث أن يحلف به كاذبا، قيل له: ليس كما توهمت، لورود نهي النبي، (صلى الله عليه وسلم)، عن الحلف بغير الله نهيا مطلقا، فاستوى في ذلك الكاذب والصادق، وفي النهي عنه) (?).

- وعن أبي محمد، الحسن بن علي بن أبي طالب- رضي الله عنهما- قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة)) (?).

قال ابن رجب: (يشير إلى أنه لا ينبغي الاعتماد على قول كل قائل كما قال في حديث وابصة: ((وإن أفتاك الناس وأفتوك)) (?) وإنما يعتمد على قول من يقول الصدق، وعلامة الصدق أنه تطمئن به القلوب، وعلامة الكذب أنه تحصل به الريبة، فلا تسكن القلوب إليه، بل تنفر منه.

ومن هنا كان العقلاء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سمعوا كلامه وما يدعو إليه، عرفوا أنه صادق، وأنه جاء بالحق، وإذا سمعوا كلام مسيلمة، عرفوا أنه كاذب، وأنه جاء بالباطل، وقد روي أن عمرو بن العاص سمعه قبل إسلامه يدعي أنه أنزل عليه: يا وبر يا وبر، لك أذنان وصدر، وإنك لتعلم يا عمرو، فقال: والله إني لأعلم أنك تكذب) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015