وقال ابن تيمية: (قد بين الله في كتابه: أن ما يوجبه الجبن من الفرار هو من الكبائر الموجبة للنار، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الأنفال:15 - 16]

فأخبر أن الذين يخافون العدو خوفاً منعهم من الجهاد منافقون فقال: وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ [الأنفال:56 - 57]) (?).

ذم الجبن في السنة النبوية:

- روى البخاري في صحيحه عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه بينما هو يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الناس مقفلة من حنين فعلقه الناس يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال ((اعطوني ردائي لو كان لي عدد هذه العضاه نعما لقسمته بينكم ثم لا تجدوني بخيلا، ولا كذوبا، ولا جبانا)) (?).

- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأبي طلحة: ((التمس لي غلاما من غلمانكم يخدمني حتى أخرج إلى خيبر، فخرج بي أبو طلحة مردفي وأنا غلام راهقت الحلم، فكنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل، فكنت أسمعه كثيرا يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين ... )) (?).

- وعن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أنه قال: ((إن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يتعوذ من خمس: من البخل، والجبن، وفتنة الصدر، وعذاب القبر، وسوء العمر)) (?).

- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع)) (?).

قال ابن القيم في شرحه للحديث: (هنا أمران أمر لفظي وأمر معنوي فأما اللفظي: فإنه وصف الشح بكونه هالعا والهالع صاحبه وأكثر ما يسمى هلوعا ولا يقال: هالع له فإنه لا يتعدى وفيه وجهان:

أحدهما ـ أنه على النسب كقولهم: ليل نائم وشر قائم ونهار صائم ويوم عاصف كله عند سيبويه على النسب أي ذو كذا.

والثاني ـ أن اللفظة غيرت عن بابها للازدواج مع خالع وله نظائر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015