كل من تكلم عن المروءة وحدِّها وبيانها لم يخرجها عن أحد نوعين:
إما أفعال أو تروك, وهذا ما بينه أبو حاتم البستي بعد أن سرد مجموعة من الأقوال في تعريف المروءة, قال: (والمروءة عندي خصلتان:
- اجتناب ما يكره الله والمسلمون من الفعال
- واستعمال ما يحب الله والمسلمون من الخصال
وهاتان الخصلتان يأتيان على ما ذكرنا قبل من اختلافهم واستعمالهما .. ) (?)
وهذا ما عناه ابن القيم رحمه الله تعالى بقوله: (وحقيقة المروءة تجنب للدنايا والرذائل من الأقوال والأخلاق والأعمال فمروءة اللسان: حلاوته وطيبه ولينه واجتناء الثمار منه بسهولة ويسر ومروءة الخلق: سعته وبسطه للحبيب والبغيض ومروءة المال: الإصابة ببذله مواقعه المحمودة عقلا وعرفا وشرعا ومروءة الجاه: بذله للمحتاج إليه ومروءة الإحسان: تعجيله وتيسيره وتوفيره وعدم رؤيته حال وقوعه ونسيانه بعد وقوعه فهذه (مروءة البذل).
وأما (مروءة الترك): فترك الخصام والمعاتبة والمطالبة والمماراة والإغضاء عن عيب ما يأخذه من حقك وترك الاستقصاء في طلبه والتغافل عن عثراته) (?).
وبهذا التقسيم - أعني مروءة الفعل والبذل ومروءة الترك- ينتظم جميع الأقوال التي عرفت بها المروءة في سلك واحد, وتنصهر جميع التعريفات في بوتقة واحدة.