ولذا ظهر في هذه الحقبة من الزمان من الأمراض الخطيرة، والعلل الوبيلة التي لم تظهر في أسلافنا الصالحين.

ومن الأدوية التي تهدأ النفس، وتريح القلب الحلم والتحالم.

فكم من بيت خرب بسبب الغضب. وكم من امرأة طلقت بسبب غضب زوجها. وكم من رجل شل بسبب الغضب. وكم من أولاد قد شردوا بسبب الغضب.

لذا تبدوا أهمية التداوي بالحلم والتحالم واضحة كوضوح الشمس في كبد السماء عند الظهيرة) (?).

وصفة الحلم قبل أن تكون دواء فهي صفة يحبها الله عز وجل، وقد وردت أحاديث نبوية تدل على هذا المعنى منها قولهصلى الله عليه وسلم لأشجّ عبد القيس:

- ((إنّ فيك لخصلتين يحبّهما الله: الحلم والأناة)) (?).

- وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنّه قال: ((قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: التّأنّي من الله، والعجلة من الشّيطان، وما أحد أكثر معاذير من الله، وما من شيء أحبّ إلى الله من الحلم)) (?).

- وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، من يتحرى الخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه)) (?).

- وعنه أيضاً ((قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ليس الشّديد بالصّرعة، إنّما الشّديد الّذي يملك نفسه عند الغضب)) (?).

قال ابن بطال: (مدح الله تعالى الذين يغفرون عند الغضب وأثنى عليهم، وأخبر أن ماعنده خير وأبقى لهم من متاع الحياة الدنيا وزينتها، وأثنى على الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، وأخبر أنه يحبهم بإحسانهم في ذلك) (?).

وقال ابن عبد البر: (في هذا الحديث من الفقه فضل الحلم وفيه دليل على أن الحلم كتمان الغيظ وأن العاقل من ملك نفسه عند الغضب لأن العقل في اللغة ضبط الشيء وحبسه منه) (?)

- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليليني منكم أولو الأحلام والنهى .. )) (?).

(أي ذوو الألباب والعقول واحدها حلم بالكسر فكأنه من الحلم الأناة والتثبت في الأمور، وذلك من شعائر العقلاء، وواحد النهى نهية بالضم سمي العقل بذلك؛ لأنه ينهى صاحبه عن القبيح) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015