وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال يستجاب للعبد، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل)) (?).
قال القرطبي:- ينبغي - (استدامة الدعاء وترك اليأس من الإجابة وداوم رجائهما واستدامة الإلحاح في الدعاء فإن الله يحب الملحين في الدعاء) (?).
والمرء مع إلحاحه في الدعاء عليه أن يوقن بأن (النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا) (?).
8 - الأخذ بالأسباب:
يظهر لنا جلياً في قصة يوسف عليه السلام الأخذ بالأسباب وترك الاستسلام لليأس فقد قال نبي الله يعقوب عليه السلام لأولاده لما أبلغوه فقد ابنه الثاني: يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87].
قال السعدي: (ورد النهي عن تمني الموت للضر الذي ينزل بالعبد، من مرض أو فقر أو خوف، أو وقوع في شدة ومهلكة، أو نحوها من الأشياء. فإن في تمني الموت لذلك مفاسد.
.. منها: أنه يضعف النفس، ويحدث الخور والكسل. ويوقع في اليأس، والمطلوب من العبد مقاومة هذه الأمور والسعي في إضعافها وتخفيفها بحسب اقتداره، وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع في زوال ما نزل به. وذلك موجب لأمرين: اللطف الإلهي لمن أتى بالأسباب المأمور بها، والسعي النافع الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه .. فيجعل العبد الأمر مفوضا إلى ربه الذي يعلم ما فيه الخير والصلاح له، الذي يعلم من مصالح عبده ما لا يعلم العبد، ويريد له من الخير ما لا يريده، ويلطف به في بلائه كما يلطف به في نعمائه) (?).
9 - الزهد في الدنيا:
فمن أسباب اليأس والقنوط الأساسية تعلق القلب بالدنيا والفرح بأخذها والحزن والتأسف على فواتها بكل ما فيها من جاه وسلطان وزوجة وأولاد ومال وعافية .. الخ فاعلم أن الله سبحانه يعطي الدنيا لمن لا يحب ومن يحب ولا يعطي الآخرة إلا لمن أحب وقد منع أحب الخلق إليه وأكرمهم عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الدنيا وما فيها فخرج وما ملأ بطنه من خبز البر ثلاث أيام متواليات، وأن المرء لن يأخذ أكثر مما قدر له فلا ييأس ولا يقنط لفوات شيء.