يجز الاستغفار لهم؛ فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع، وهذه الأقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهمية الذين كانوا يقولون: القرآن مخلوق، وإن اللَّه لا يرى في الآخرة، وقد نُقل عن أحمد ما يدل على أنه كفر به قومًا معينين، فأما أن يذكر عنه في المسألة روايتان ففيه نظر، أو يحمل الأمر على التفصيل فيقال:
من كفره بعينه؛ فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه.
ومن لم يكفره بعينه؛ فلانتفاء ذلك في حقه، هذا مع إطلاق قوله بالتكفير على سبيل العموم.
والدليل على هذا الأصل: الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار" (?).
• مستند الإجماع: يدل على عدم تكفير المعين إلا بتوفر الشروط وانتفاء الموانع ما سبق ذكره من الأدلة في شرط تكفير المعين، والموانع التي بموجبها لا يكفر المعين.
ويضاف إليها أن هذا هو فعل السلف رضي اللَّه عنهم كما بيَّنه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: "وأيضًا فإن السلف أخطأ كثير منهم في كثير من هذه المسائل واتفقوا على عدم التكفير بذلك، مثل ما أنكر بعض الصحابة أن يكون الميت يسمع نداء الحي، وأنكر بعضهم أن يكون المعراج يقظة، وأنكر بعضهم رؤية محمد ربه. . . وكان القاضي شريح ينكر قراءة من قرأ: {بَلْ عَجِبْتَ}.
ويقول: إن اللَّه لا يعجب؛ فبلغ ذلك إبراهيم النخعي فقال: إنما شريح شاعر يعجبه علمه، كان عبد اللَّه أفقه منه فكان يقول: {بَلْ عَجِبْتَ}.
فهذا قد أنكر قراءة ثابتة وأنكر صفة دل عليها الكتاب والسنة واتفقت الأمة على أنه إمام من الأئمة.