يثبت عندنا بالإجماع أكثر من ثبوته بالرواية؛ لأن الحديثَ قد تعترضُ فيه عوارضُ من السهو والإغفال، وتدخل عليه الشبه والتأويلات والنسخ، ويأخذه الثقة عن غير الثقة، وقد يأتي بأمرين مختلفين وهما جميعًا جائزان، كالتسليمة الواحدة والتسليمتين، وقد يحضر الصحابي الأمر يأمر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلًا، ثم يأمر بخلافه ولا يحضره، فينقل لنا الأمر الأول ولا ينقل لنا الثاني؛ لأنه لا يعلمه، والإجماع سليم من هذه الأسباب كلها] (?).

ومما يزيد في خطورة الموضوع، أن من خالف الإجماع القطعي وحاد عنه وهو عالم به، فإنه على خطر في دينه، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (?): [والتحقيق أن الإجماع المعلوم يكفر مخالفه كما يكفر مخالف النص بتركه، لكن هذا لا يكون إلا فيما علم ثبوت النص به، وأما ثبوت الإجماع في مسألة لا نص فيها فهذا لا يقع، وأما غير المعلوم فيمتنع تكفيره] (?).

ولذا كان لزامًا على أهل العلم والدين أن يظهروا هذا الدليل، ويعلنوه للناس، حتى لا يقع الزيغ والانحراف عن الجادة الحقة، والطريقة السوية.

ولو نظرنا في اهتمام العلماء بأدلة الشرع، لوجدنا عنايتهم فائقة في الدليلين الأصليين: الكتاب والسنة، فتجد الأدلة مبثوثة في كتبهم، مبسوطة في ثنايا بحوثهم، فكتاب اللَّه محفوظ بحفظ اللَّه له، وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وحي من اللَّه، فهو لا ينطق عن الهوى، وقد هيأ اللَّه لها رجالًا كانت لهم عناية فائقة بها، جمعًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015