وفارق الجماعة، وشهر على المسلمين السلاح، وأخاف السبيل، وأفسد بالقتل والسلب، فقتلهم وإراقة دمائهم واجب؛ لأن هذا من الفساد العظيم في الأرض، والفساد في الأرض موجب لإراقة الدماء بإجماع" (?).

• مستند الإجماع: يدل على وجوب مقاتلة المحاربين الأثر والنظر:

1 - من الأثر: آية الحرابة التي فرض اللَّه تعالى فيها حد المحاربين في قوله سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)} (?).

• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى جعل حد الحرابة لمن قدر عليه الإمام، ولا يتحصل ذلك إلا بطلبه ومقاتلته، فإذا قدر عليه وجب قتله، لكونه حد من حدود اللَّه تعالى.

2 - من النظر: يمكن أن يقال: أن في قتل المحاربين إذهاب للفساد في الأرض، وذلك مطلوب شرعًا.Rلم أجد من خالف في المسألة؛ لذا يظهر لي -واللَّه أعلم- أن المسألة محل إجماع بين أهل العلم من حيث الجملة، بمعنى أن الإمام يشرع له قتل المحاربين؛ لإنهاء فسادهم.

أما من حيث التفصيل، كمسألة هل إقامة الحد بقتل من قتل منهم واجبة على الإمام أم الأمر لولي المقتول له العفو وله طلب القتل، وهل المحارب إذا لم يقتل فيُقتل أم لا. . . إلى غير ذلك من المسائل فإنها محل بحث آخر، منها هو محل خلاف مشهور، ومنها ما هو محل اتفاق، ومنها ما هو محل إجماع، وسيأتي ذكر شيء منها في ثنايا مسائل الكتاب، واللَّه تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015