• وحجتهم:
1 - استدلوا بقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].
• وجه الدلالة: أن اللَّه أمر بقتال الكفار، وجعل الغاية: التي نكف عنهم بمقتضاها هو الدفع المنجز للجزية مقرونًا بعقد الذمة.
2 - ولأن الجزية تجب عوضًا لحقن الدم، وعصمة النفس في المستقبل، فلا تؤخر إلى آخر السنة، فوجب أن يتقرر العوض قياسًا على سائر المعوضات.Rأن الإجماع غير متحقق على أن الجزية يجب أداؤها في آخر الحول؛ لوجود الخلاف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
• المراد بالمسألة: بيان أن الجزية التي تؤخذ من أهل الذمة تُصرف في مصالح المسلمين كالفيء يصرف جميعه -ولا يُخمَّس- في مصالح المسلمين العامة ومرافق الدولة الهامة: كأرزاق المجاهدين وذراريهم وسد الثغور، وبناء الجسور، والمساجد والقناطر، وإصلاح الأنهار التي لا مالك لها، ورواتب الموظفين من القضاة والمدرسين والعلماء والمفتين والعمال وغير ذلك، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن رشد (595 هـ) حيث يقول: (وأما المسألة السادسة وهي: في ماذا تصرف الجزية؟ فإنهم اتفقوا على أنها مشتركة لمصالح المسلمين، من غير تحديد، كالحال في الفيء) (?).
وابن المناصف (620 هـ) حيث يقول: (ولم يختلفوا: أن حكم ما يؤخذ منهم على ذلك بمثابة حكم الجزية، لا حكم الصدقة، ويوضع في مال الفيء) (?).
وابن رجب الحنبلي (795 هـ) حيث يقول: (وحكى طائفة من أصحابنا -منهم أبو الخطاب- الإجماع على أن الجزية لا تُخمَّس) (?).