بالحربيين استرقوا ولم يقتلوا، وأن الخلاف إنما جاء بعدهم (?).
وعامة أهل العلم على جواز قتل الأسرى إن رأى الإمام مصلحة في ذلك.
يقول الإمام الترمذي (279 هـ): (وَالْعَمَلُ على هذا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ من أَصْحَابِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وَغَيْرِهِمْ أَنَ لِلإمَامِ أَنْ يَمُنَ على من شَاءَ من الْأُسَارَى وَيَقْتُلَ من شَاءَ منهم وَيَفْدِي من شَاءَ، وَاخْتَارَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْقَتْلَ على الْفِدَاءِ, وقال الْأَوْزَاعِيُّ بَلَغَنِي أَنَّ هذه الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} نَسَخَتْهَا {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}) (?).
ومما يجدر التنبيه له في هذا المقام أن السلف قد يطلقون على تقييد المطلق، وتخصيص العام (نسخًا)، فإن سورة التوبة من آخر ما أُنزل، فكيف نَسَخَهُ ما نزل قبله، والمُخَصَّص قد يتقدم، وقد يتأخَّر، بخلاف النسخ؛ لا يصحّ تقدم الناسخ بحال، فتُحملُ الآية عندهم على قتل غير الأسرى (?).Rأن الإجماع متحقق على أن لإمام المسلمين قتل أسرى الكفار إن رأى مصلحة في ذلك، لعدم المخالف المعتبر، وأما خلاف من خالف فيمكن أن نجيب عنه بما يأتي:
أن خلاف الضحاك في أن آية الفداء هي الناسخة، هو قول شاذ (?). كما اضطرب النقل عن الضحاك، فقد نُقل عنه أَيضًا أن آية التوبة هي الناسخة (?).
وأما خلاف ابن عمرو الحسن وعطاء فإنهم كرهوا القتل ولم يمنعوا منه، والكراهة لا تنافي الجواز والمشروعية. كما قيل أن ابن عمر إنما كره قتل الرجل لأنه كان مشدود اليدين، لا لأنه تحرَّز عن قتله بعدما أُسر (?).