• وجه الدلالة: حيث دل الحديث على أنه لا بد من قسمة أعيان المغانم على الغزاة، بدليل أنه لا يجوز لأحدهم بيع حصته من الغنيمة حتى تقسم ويستلمها.
قال ابن القاسم (?): "ليس على هذا العمل، لكن تقسم الإبل على حدة، والغنم على حدة بالقيمة، وكذلك سائر العروض، يقسم كل جنس على حدته بالقيمة، ولا يقسم شيء منها بالسهم، ولا يجعل جزء من جنس بجزء من غيره، ذلك مكروه؛ لأنه لا يدري أين يقع سهمه"، فرأى ذلك من باب الغرر.
• الخلاف في المسألة: في المسألة ثلاثة أقوال جميعها مروية عن الإِمام مالك (?). فبالإضافة إلى القول المحكي الإجماع عليه هناك قولان آخران:
• القول الأول: أنها تباع، وتقسم الأثمان.
• وحجتهم: ووجه من ذهب إلى بيع الغنائم، وقسم أثمانها، هو فيما أرى -واللَّه أعلم- فرارًا من تعذر العدل في قسم الأعيان؛ لاختلافها، وما يتقى من عدم التعادل فيها.
• القول الثاني: أن ذلك مصروف إلى نظر الإِمام، فما رأى من ذلك أنه أفضل لأهل الجيش؛ فعله (?).
• وحجتهم: أن ذلك إنما يكون للإمام؛ لأن له تقدير الأفضل للجيش، فوكل أمر ذلك إليه. فإن رأى الإِمام قسم الأعيان ممكنًا التعادل فيه، وغير متخوف الغرر؛ لإمكان ذلك في الغنيمة الحاضرة: قسم الأعيان، وإن خشي ذلك في قسم الأعيان، لاختلافها وتشتت أموال الغنيمة، باعها وقسم الأثمان.
وهذا نظر سديد، ورأي رشيد، واللَّه أعلم.Rأن الإجماع غير متحقق على أن الغنائم تقسم عينًا ولا تباع، لوجود الخلاف المعتبر، والذي يظهر أنه راجع إلى نظر الإِمام وتقديره، واللَّه تعالى أعلم.
* * *