لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عُدَّتنا كعدّتهم، فإذا استَوَينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة. ." (?).

ج - وأوصى عبد الملك بن مروان أميرًا سيَّره إلى أرض الروم فقال: "أنت تاجر اللَّه لعباده، فكن كالمضارب الكيِّس الذي إن وجد ربحًا تجر، وإلا تحفظ برأس المال، ولا تطلب الغنيمة حتى تحوز السلامة، وكن من احتيالك على عدوك أشد حذرًا من احتيال عدوك عليك" (?).

ألا ما أروع هذه الوصايا التي تبرز بوضوح الأهداف السامية، والمثل العليا، التي كانت تحملها الجيوش الإسلامية، وهي تفتح القلوب قبل البلدان، وإنها لمصدر فخر واعتزاز للأمة الإسلامية سطرت آداب الحرب وأخلاقيات القتال بمداد من ذهب.

3 - وأن توجيه الوصية للجيش وأميره أجمع لكلمتهم ورأيهم، وتوحيد صفهم، مما يُبشر بالظفر والنصر بإذن اللَّه.Rأن الإجماع متحقق على استحباب توصية الأمير والجيش قبل القتال، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.

[31/ 10] ما يجب قبل الحرب (دعوة أهل الكتاب قبل القتال وتخييرهم):

• المراد بالمسألة: بيان أن مَنْ عُلِمَ، وتُحقِّق أنه لم تبلغه دعوة الإسلام، ولا عَلِمَ ماذا يراد منه بالقتال، فإنه يجبُ أن يُدعَى إلى الإسلام أو الجزية قبل إعلان القتال عليه، فإن امتنع قوتل حينئذٍ، إلا أنه في حالة معالجة الكفار للمسلمين بالقتال وهجومهم عليهم، فإنهم يقاتلون في هذه الحالة من غير دعوة؛ لضرورة الدفاع عن الأنفس والأعراض، (?) وقد نُقل الإجماع على ذلك.

• من نقل الإجماع: أبو جعفر الطبري (310 هـ) حيث يقول: (أجمعت الحجة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقاتل أعداءه من أهل الشرك إلا بعد إظهار الدعوة وإقامة الحجة، وأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمر أمراء سراياه بدعوة من لم تبلغه الدعوة) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015