على خراج يؤدونه؛ لأنه زعم أنه قد روي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى خيبر بالشطر، ثم أرسل ابن رواحة -رضي اللَّه عنه- فقاسمهم. قالوا: فظهر من هذا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن قسم جميعها، ولكنه قسم طائفة من الأرض، وترك طائفة لم يقسمها، قالوا: فبان بهذا أن الإمام بالخيار بين القسمة، والإقرار بأيديهم، وهو الذي فعل عمر -رضي اللَّه عنه-" (?).
وزعم البعض أن عمر الفاروق -رضي اللَّه عنه- كانا مخالفًا لفعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين وقف أرض السّواد على المسلمين ما تناسلوا، وفرض فيها الخراج.
وأجيب عن ذلك: بما قاله أبو عبيد: "وكلا الحكمين فيه قدوة ومتبع من الغنيمة والفيء، إلا أن الذي أختاره من ذلك: يكون النظر فيه إلى الإمام، وذلك أن الوجهين جميعًا داخلان فيه. وليس فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- براد لفعل عمر -رضي اللَّه عنه-، ولكنه اتبع آية من كتاب اللَّه -تبارك وتعالى- فعمل بها، واتبع عمر آية أخرى فعمل بها، وهما آيتان محكمتان فيما ينال المسلمون من أموال المشركين، فيصير غنيمة أو فيئًا.
قال اللَّه -تبارك وتعالى-: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}، فهذه آية الغنيمة، وهي لأهلها دون الناس، وبها عمل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقال اللَّه -تعالى-: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ}. . . إلى قول اللَّه -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (?)، فهذه آية الفيء، وبها عمل عمر -رضي اللَّه عنه-، وإياها تأول حين ذكر الأموال وأصنافها، فقال: "فاستوعبت هذه الآية الناس". وإلى هذه الآية ذهب علي ومعاذ -رضي اللَّه عنهما - حين أشارا عليه بما أشارا فيما نرى واللَّه أعلم.