وقالوا أيضًا: إن أصل دفع المضرة واجب بحكم العقل قطعًا، فكذلك المضرة المظنونة يجب دفعها عقلًا؛ وذلك لأن الجزئيات المظنونة المندرجة تحت أصل قطعي الحكم، يجب إدراجها في ذلك الحكم قطعًا (?).
ونوقش: بأن مبنى أدلة أهل السنة هي الشرع، ومنه وجوب دفع الضرر، قال -تعالى-: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (?)، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" (?).
وأن العقل لا يُوجب ولا يحظر ولا يُقبِّح ولا يُحسِّن، وإذا كان كذلك ثبت أنها واجبة من جهة الشرع، لا من جهة العقل (?).
قال أبو يعلى: "إن العقل لا يُعلم به فرض الشيء ولا إباحته، ولا تحليل شيء ولا تحريمه" (?).
وقالوا بأن وجوب الإمامة بالعقل لضرورة الاجتماع للبشر واستحالة حياتهم ووجودهم منفردين، ومن ضرورة الاجتماع التنازع لازدحام الأغراض، فما لم يكن الحاكم الوازع أفضى ذلك إلى الهرج المؤذن بهلاك البشر وانقطاعهم، مع أن حفظ النوع من مقاصد الشرع الضرورية، وهذا المعنى بعينه هو الذي لحظه الحكماء في وجوب النبوات في البشر (?).
ونوقش: بأن إحدى مقدماته أن الوازع إنما يكون بشرع من اللَّه تسلم له