وإذا كان لهذا الانتصار العظيم الذي حققه المسلمون عند سبيطلة في أوائل "سنة 28هـ/ 648م" من نتيجة فهي أنه "كسر سلطان البيزنطيين كسرة لن يعود بعدها إلى ما كان عليه في البلاد قبل الفتح الإسلامي. وسيحاول البيزنطيون العودة إلى البلاد والاتحاد مع البربر ومغالبة العرب، ولكن كل محاولاتهم لن تزيد عن أن تكون محاولات قليلة الخطر، عديمة النتائج1.
2- حملة معاوية بن حديج السكوني "45/ 666م":
عزل عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن قيادة جيش الفتح في إفريقيةن لكنه بقي واليا على مصر، واستمر نشاطه الحربي -وخاصة ضد الروم- إلى نهاية ولايته عليها "سنة 36هـ/ 656م"2.
وبمقتل الخليفة عثمان -رضي الله عنه- في أواخر "سنة 35هـ/ 656م" اختلفت كلمة المسلمين، وانفتحت أبواب الفتنة على مصراعيها. وكان لا بد أن تؤثر هذه الأحداث التي استمرت خمس سنوات "35-40هـ" على حركة الفتوح في "إفريقية" وغيرها فبسببها تعطلت حركة الجهاد، وكان باستطاعة الروم أن يستعيدوا "إفريقية" خلال تلك الفترة التي انشغل فيها المسلمون بخلافاتهم، ولكنهم لم يستطيعوا ذلك بصورة فعالة.
وما أن استقر الأمر لمعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- "عام 41هـ/ 661م" -الذي سمي بعام الجماعة- حتى عادت الفتوح قوية من جديد في المشرق، وفي المغرب على السواء وقرر فصل ولاية "إفريقية" عن ولاية "مصر". وجعلها ولاية تابعة للخلافة مباشرة، وعين "معاوية بن حديج السكوني" واليا عليها، وأمره بالمسير إليها ومواصلة الجهاد، وزوده بجيش مكون من عشرة آلاف مقاتل، من بينهم عدد كبير من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبنائهم، أمثال عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الملك بن مروان وغيرهم3.
خرج معاوية بن خديج من الإسكندرية، وسار برا بإزاء الساحل حتى وصل إلى "قمونية"، وهو المكان الذي عسكر فيه من قبل ابن أبي سرح قائد المسلمين في معركة