قسمت على المقاتلين -بعد إخراج الخمس- فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار، وسهم الراجل ألف دينار1.
وبعد معركة "سبيطلة" أقام عبد الله بن سعد بن أبي سرح معسكره في الأرض التي بنيت فيها مدينة "القيروان" فيما بعد. ومن هناك أخذ يوجه السرايا تضرب في أرجاء ولاية "إفريقية" وتجتاح البلاد بهمة كبيرة "حتى ذلت الروم، ورعبوا رعبا شديدا" كما يقول الرواة2. ويقول ابن عبد الحكم: "فلما رأى ذلك رؤساء أهل إفريقية طلبوا إلى عبد الله بن سعد أن يأخذ منهم مالا على أن يخرج من بلادهم، فقبل ذلك، ورجع إلى مصر، ولم يول عليهم أحد"3 ويحدد ابن عذارى في روايته قدر هذا المال، وهو ثلاثمائة قنطار من الذهب4 ويقدره البعض بألفي ألف وخمسمائة ألف دينار "2.500.000"5 وكان من بين شروط الصلح أيضا "أن ما أصاب المسلمون قبل الصلح فهو لهم، وما أصابوه بعد الصلح ردوه عليهم"6.
رجع ابن أبي سرح إلى مصر في أوائل "سنة 29هـ/ 649م" بعد خمسة عشر شهرا قضاها في هذه الغزوة. دون أن يتخذ أي إجراء يكفل الاحتفاظ بنتائج هذا النصر الكبير، وبدلا من أن يسير نحو "قرطاجنة" القاعدة الكبرى للروم ويستولى عليها، ويقرر بذلك نهاية ولاية "إفريقية" البيزنطية -كما فعل عمرو بن العاص عندما أتم فتح مصر باستيلائه على الإسكندرية- نجده يكتفي بالغنائم الوفيرة، ويقبل بشروط الصلح ويعجل بالعودة، "فكان على من أتى بعده -كما يقول د. حسين مؤنس- أن يبدأ من جديد؛ لأن انسحابه عفى على معظم النتائج التي كان المسلمون قد وصلوا إليها في البلاد"7.