البيزنطية فى البر وفى البحر، فى جنوب إيطاليا وكذلك فى شمال سوريا. وقاوم الفاطميون المحاولات المتكررة من جانب البيزنطيين لاستعادة سيطرتهم على سوريا (من 354 هـ/ 965 م فصاعدًا) وفى سنة 429 هـ/ 1038 م عُقدت معاهدة سلام لمدة ثلاثين عامًا وجُددت سنة 440 هـ/ 1048 م.
وبرغم أن المغرب قد نجح، بداية من سنة 443 هـ/ 1051 م فصاعدًا، فى الخروج عن سيادة الفاطميين تحت حكم بنى زيرى، إلا أن مصر أحكمت سيطرتها على البحر الأحمر، وظلت المدن المقدسة تحت حماية الفاطميين منذ بداية حكمهم، وتعهدت بإرسال الحبوب إليها بصفة منتظمة.
ومن سنة 439 هـ/ 1047 م فصاعدًا، حكم الفاطميون اليمن بمساعدة الصليحيين، سلالة الدعاة الإسماعيليين، الذين تحكموا فى طريق التجارة بين المحيط الهندى والبحر المتوسط عن طريق البحر الأحمر. وعلى هذا النحو أصبحت مصر مركز التجارة العالمية.
وقد تكوَّن الدخل الأساسى للدولة الفاطمية، إلى جانب الخراج، من رسوم الجمارك المحصلة على التوابل وعلى سائر أصناف الكماليات المستوردة من الهند والشرق الأقصى. إضافة إلى أن مصر كانت قد تحكمت فى جلب ذهب السودان وأنها قامت بتصدير المواد الخام التى ازداد الطلب عليها فى أوروبا، مثل الشب، والمنسوجات الصوفية الفاخرة (التى تنتج فى الصعيد) والمنسوجات الكتانية (من دمياط وتنيس)، والحرير والديباج وأنواع الأوانى الزجاجية الفاخرة التى توجد حاليًا كميات كبيرة منها فى المتاحف وذخائر الكنائس الأوربية، وكان الرحالة الفارسى ناصرى خسرو شاهد عيان لفخامة مصر، عندما زار القاهرة سنة 439 هـ/ 1047 م وترك لنا وصفا للمدينة وهى فى كامل ازدهارها. وأدى مركز مصر السائد فى التجارة العالمية إلى توافد التجار الأوربيين عليها. وفى بداية سنة 828 م اشترى البنادقة (أو بالأحرى سرقوا) مخلفات القديس مرقص المحفوظة فى الإسكندرية. ومنذ مطلع القرن السادس