جـ 2، ص 271، س 14 - 15) وهذا يفهم منه أن فى المقريزى ما يدل لهذين القولين. وكل ذلك غير مسلم لهم، وكان ينبغى أن يبينوا الصلة التى بين الإقامة والبركات التى تتلى فى صلاة اليهود، والصلة التى بين الأذان والقداس عند النصارى لنعلم قيمة دعواهم بأن المسملين استعاروا الإقامة من البركات، وبأن الأذان نسج فيه على منوال القداس.

والذى فى صحيح البخارى وكتب السير يفيد أن الأذان شَرع مُراعى فيه عدم التشبه بالهيود والنصارى، فقد نقل البخارى عن ابن عمر: أن المسلمين حين قدموا المدينة كانوا يجتمعون فيتحينون الصلاة، ليس ينادى لها، فتكلموا يوماً فى ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقا مثل قرن اليهود، فقال عمر: أولا تبعثون رجلا ينادى بالصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال، قم فناد بالصلاة.

وقد رجعنا إلى الجزء الثانى من الخطط للمقريزى فى الموضوع الذى عينوه فلم نجد فيه ما يدل على ما قالوا. وقد أردنا أن نتعرف منشأ هذا الاشتباه، فرأينا المقريزى فى ص 172 من الجزء الثانى عرض للتسبيح فى الليل على المآذن -الذى ابتدع فى مصر فى عصر متأخر ولم يكن عند سلف الأمة- فقال: وأول ما عرف من ذلك أن موسى بن عمران إلخ، وذكر ما يدل على أن اليهود كانوا يقومون عند ثلث الليل الأخير ويقولون نشيداً منزلا بالوحى، فيه تخويف وتحذير وتعظيم لله وتنزيه له تعالى إلى وقت طلوع الفجر. فلعلهم وهموا فظنوا المقريزى يتكلم عن أولية الأذان وهو إنما يتكلم عن أولية التسبيح الذى يفعل فى الليل على المآذن كما قدمنا.

وما قالوه فى بيان المذاهب الفقهية الأخرى غير مذهب الحنفية فى صفة الإقامة لا ينطبق على مذهب الإمام مالك، فإن ألفاظ الإقامة عنده مفردة حتى "قد قامت الصلاة" - وليس عنده من ألفاظها ما يثنى إلا التكبير.

محمد عرفة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015