المصرى والموارد المالية من التجارة، وإذا كان رأس مال الكارمى المسلم أو الذمى فى مصر كان قبل الكارمية يتراوح بين عشرة آلاف وثلاثين ألف دينار فإنه ارتفع حتى بلغ مليون دينار أو أكثر، ولقد أدى هذا بالتاجر الكارمى نصر الدين محمد بن مسلم البالسى (المتوفى سنة 766 هـ) إلى أن يمد نشاطه التجارى إلى ما وراء حدود التعامل المصرى التجارى، فتعامل معه تجار مسلمون من الهند ممن يتاجرون فى مصر, وتجار من مكة وعدن، كما أن التاجر الكارمى تاج الدين المعروف بالدماميتى (المتوفى سنة 731 هـ = 1331 م) خلف بعد موته مائة ألف دينار وهو مبلغ كان يزيد فى قدره عما خلفه البالسى، أما فيما يتعلق بثروات تجار الهند من أهل "دولتاباد" فيذكر ابن بطوطة "أنهم كانوا يشبهون تجار الكارمية فى مصر".
كانت أرباح تجار الكارم أكثر من الثلث المسموح به فى الإسلام (*) وكانوا يدمنون الرشاوى بنقود سائلة أو على صورة صكوك، والواقع أنه من خلال شبكة أسواقهم وتبادلاتهم المالية كانوا يؤلفون ما يكاد يشبه منظمات مصرفية كان أكبر عملائها السلاطين والأمراء حيث يمدهم الكارمية بالأموال ويزوّدونهم بالجند والسلاح، ولم يقتصر الأمر على السلطان المملوكى فى استدانته من الكارمية، بل إن صاحب اليمن مدّ إليهم يده حين وجد نفسه وقد أحاطت به الأزمات المالية، بل إن "مَنْسا موسى" ملك مالى صاحب مناجم الذهب فى غريب السودان استعار الأموال من أحد تجار الكارم قبل مغادرته مكة عائدًا إلى بلاده.
وكانت بيوت الكارمية التجارية شبه شركات تمتلكها أسراتهم، يتوارثها ذرياتهم والذين يتعلمون فيها كل ما يتعلق بالتجارة، حتى قيل إن أحد تجار الكارم أرسل "عبيده" ممثلين له إلى أسواق المحيط الهندى وأسواق السودان الغربى للتعامل باسمه، ويقال إنه لم يمت قط أحد من عبيد الكارمى نصر الدين محمد بن مسلم فى الغربة أثناء