صلاح الدين هو أن تظل مصر محتكرة حركة الملاحة فى البحر الأحمر، على أن انتصار صلاح الدين على رينودى شاتيون (ارناط) ساعده على أن تظل القوي الفرنجية والتجار الفرنجيون بعيدين عن طريق هذه التجارة الهامة الحيوية بين الغرب والشرق الأقصى وعمل فى الوقت ذاته على زيادة التوسع فى نشاط التجار الكارمية.
وقام تقى الدين عمر (ابن أخى صلاح الدين ونائبه بمصر) فى سنة 579 هـ (= 1183 م) ببناء "فندق الكارم" الشهير فى الفسطاط التى هى ميناء القاهرة التجارى وتخلّى فى هذا الوقت كل من التجار اليهود والأقباط عن نشاطاتهم فى البحر الأحمر وحل محلهم التجار المسلمون ولا سيما "الكارمية".
قد يكون من الصعب كتابة تاريخ الكارمية خلال العصر الأيوبى بعد موت صلاح الدين وذلك بسبب عدم وجود مصادر فى أيدينا بهذا الصدد، أما السلاطين المماليك فيمكن القول إنهم مارسوا نفس سياسة اسلافهم التجارية ومن ثم عملوا على نشاط وتوسيع تجارة الكارم. ولقد صحب انتقال الحكم من الأيوبيين إلى المماليك مشكلات كبيرة فى الداخل والخارج من ذلك حملة القديس لويس وتقدم المغول من ناحية، وثورات القبائل العربية المستقرة فى مصر من ناحية أخرى، وفى خلال هذه الأزمة رأى الكارمية وغيرهم من تجار الحملة أن من الخير لهم أن يقللوا حجم ما يجلبونه إلى مصر، وظهر ذلك على وجه الخصوص حين قام الملك المظفر قطز بفرض الضرائب الباهظة على تجار مصر حتى لقد فقدوا فى هذه الأثناء ثلث ثروتهم وكان الدافع لقطز على هذا العمل سداد نفقات حملاته، فلما تولى بيبرس السلطة ألغى هذه الأجراءات وأمر واليه فى قوص وفى عيذاب بحسن معاملة التجار وبذلك لم يتوقف ورود السفن من الموانئ اليمنية إلى عيذاب، ويشير ابن واصل إلى أنه لم يقع على أحد منهم ما يضايقه ولم يتعرضوا هم ولا ممتلكاتهم لآية خسارة.
ولقد فتح نشاط الكارمية فصل جديدًا فى تاريخ تقدم رأس المال