بالاحتكار للتجارة بين المحيط الهندى وشرق أفريقية من ناحية والبحر المتوسط من ناحية أخرى. ونظموا القوافل التى ذهبت إلى اليمن فى الشتاء، وإلى غزة ودمشق فى الصيف، وكانوا مرتبطين بالتعدين وغيره من الأنشطة بطول الطرق. وقد جعل الانتصار فى حرب "الفجار" ضد هوازن وثقيف طرق نجد تحت إمرة قريش. كما حقق لها السيطرة بوجه خاص على تجارة مدينة الطائف التى كانت منافسًا لتجارة قريش ردحًا من الزمن. ولما كانت الطائف أكثر ارتفاعًا وأبرد هواءً من مكة، فقد اقتنى كثير من رجالات قريش إقطاعات بها. وكان لهم مراكز أيضًا فى مواقع أخرى من شبه جزيرة العرب. وبسبب ما اشتهرت به قريش من صفة الحلم ازدهرت تجارتها ودامت وحدتها رغم ما كان بين بطونها أحيانا من خصومات.
وعند موت قصى (فى النصف الأول من القرن السادس الميلادى على ما يرجح)، انتقلت سلطاته وحقوقه إلى عبد الدار، وكان عبد مناف قد تحداه بعد فترة من الزمن، وأدى ذلك إلى انقسام قريش إلى جماعتين متنافستين. وأيدَّ كلُّ من مخزوم، وسهم، وجُمع، وعدى عبد الدار، وكان مؤيدو عبد الدار معروفين بالأحلاف. ويعرف الحزب المعارض بأنهم المطيَّبون (أى ذوو العطر)، وتكون هذا الحزب من عبد مناف، وأسد، وزهرة، وتيم، والحارث ابن فهر. ومن المستحيل أن نعرف طول المدة التى بقيت فيها هذه الجماعات بالفعل. وقد ذكر "المطيبون" فى رسالة من محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] إلى بعض رجالات خزاعة، مكتوبة فى سنة 8 هـ (الواقدى، طبعة Marsden Jones، جـ 2، ص 750). ولكن قبل ذلك بزمن طويل، حوالى سنة 605 م استبدل المطيبون وحلَّ محلهم حلف جديد، هو حلف الفضول (المعنى الدقيق غير مؤكد)، الذى تكون من هاشم، والمطلب، وأسد، وزهرة، وتيم، وربما الحارث بن فهر، والتغيير الجوهرى هنا هو أن بنى عبد مناف قد انقسموا أربعة أقسام، اثنان منهم هما: هاشم، والمطلب، وقد بقيا مع حلفائه السابقين، فى حين تخلى عنهم الاثنان الآخران، عبد شمس ونوفل.