جانج "كِرْوَشْ" أمير الموصل الذى كان نفوذه يمتد من الموصل حتى الأنبار إذ جاهر بتأييده للفاطميين وأعلن فى خطبة الجمعة باعتناقه المذهب الاسماعيلى وكان ذلك فى المحرم من سنة 401 هـ (= أغسطس 1010 م)، فبادر الخليفة القادر بإرسال سفارة إلى الأمير الكبير على رأسها الفقيه الباقلانى الذى كانت له مكانة سامية عند أمراء بنى بويه، ونجحت هذه السفارة فى تدخل الأمير تدخلا ظهر أثره فى سرعة إعادة "كروش" الخطبة لبنى العباس وزاد على ذلك بأن أصدر بيانًا ندد فيه بالعقيدة الفاطمية، منكرًا نسب الفاطميين إلى فاطمة، وصرَّح باعتباره الاسماعيليين بين أعداء الإسلام، وأمضى هذا البيان علماء السنة والإمامية.
ومات بهاء الدولة سنة 403 هـ (= 1012 م) وحل محله ولده سلطان الدولة فلم يغير ذلك من الوضع السياسى شيئًا.
على أنه لا ينبغى أن يغيب عن الأذهان أن شغب كل من العناصر العربية والكردية فى العراق كان له أثره البين فى أضعاف قوة البويهيين يوما بعد يوم، كما أن المنافسة الطويلة بين الديلم والترك قد اشتعلت من جديد فى كل اضطراب داخلى، ومن ثم كان من الممكن أن تعود للتحرك فى آية لحظة جميع مظاهر الشحناء التى بين السنة والشيعة فى بغداد أو غيرها من المدن.
كان الذى يشغل بال القادر قبل كل شئ هو الصراع ضد أى مبادئ فاسدة لاسيما تلك التى تعد خطرًا على الخلافة، فطلب فى سنة 408 هـ من الفقهاء الحنفيين (الذين كانوا متعاطفين بعض الشئ مع المعتزلة) أن يعلنوا توبتهم من هذا الأمر، كما أمر فى الوقت ذاته بمنع دراسة تعاليم المذهبين المعتزلى والشيعى، كما أمر بأن تقرأ فى القصر ما عرف بالرسالة القادرية، التى استوحت الفكر الحنبلى والتى لم تكتف بالتنديد بالمذهب الشيعى فى شتى صوره بل وبمذهب المعتزلة أيضًا،