هذه العمارة وأمثالها من العمائر المستحدثة منذ أن أخذ الناس (منذ منتصف القرن الخامس الهجرى = الحادى عشر الميلادى) يهجرون المدينة القديمة مما أدى فى النهاية إلى اختفائها تماما لتحل محلها الضواحى. ونستفيد مما يقوله البكرى أنه ما زالت هناك تفرقة فى النظرة نحو السكان أعنى بين العرب والأفارقة مما يدل على أن الاندماج العرقى يكن قد تم، وكان الأهالى عرضة لسخريات كثيرة لا يكف صاحب المسالك عن إيرادها كما أنه يشير إلى أن البيوت لم تكن مجهزة بالمراحيض وأن الغائط كان يستعمل فى تسميد الحقول، وكان البربر يعيشون فى "الأخصاص" لاسيما من كان منهم فى المناطق الداخلية، وكان هؤلاء البربر من قبائل لواتة ولمايا ونفوسة ومزاته وزواغة وزاولة وغيرها من الجماعات الصغيرة. .
وتنتج واحة قابس كميات كبيرة من الموز وقصب السكر ومختلف أنواع الفاكهة التى ترسل منها أحمال ضخمة إلى القيروان. وتنفرد قابس من كل أفريقية بغاباتها الكثيرة من أشجار التوت مما أمكن معه انتاج الحرير الفاخر الذى يصدر بوفرة، وتؤكد لنا وثائق "الجنيزه" أن أفريقية كانت مصدرا كبيرا للحرير فى القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) وإن لم يعثر "جويتين" على أية إشارة فى هذه الوثائق إلى قابس.
ويخبرنا البكرى أن بناء البلد يمتاز بمنارة وصفت بأنها من العجائب، وتقصدها لسفن من كل أرجاء المعمورة. لكن لم يبق اليوم من برجها سوى موضعه على نشز من الأرض ولا يزال الناس يسمون هذا الموضع بالمنارة.
ولما كان منتصف القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) نرى الإدريسى يتكلم عرضا عن "الأفارقة" كلاما لا يشك معه أنهم لم يعودوا يكونون عنصرا هاما ومتميزا بين السكان، ويضيف إلى ذلك قوله "إن الناس هنا ينقصهم حسن الذوق والأناقة، وإن كان هندامهم نظيفا "ويمتدح الإدريسى على وجه