فى ختام القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) أنها بلدة "أصغر من طرابلس" وأنها مشيدة من الحجر والطوب وأنها غنية بأشجار النخيل والتين الكروم والتفاح". ويذكر أن البربر "يقطنون المناطق الداخلية، ولأسوارها ثلاث بوابات".
أما الوصف الذى ذكره البكرى وهو الصف الذى طالما ردده الجغرافيون الذين جاءوا بعده فهو أكثر وصف تفصيلى لها ويرجع إلى منتصف القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) حتى فى الوقت الذى كانت فيه البلدة تحت حكم "ابن ولمية "وحماية" مؤنس بن يحيى الهلالى، وكان ولا يزال بها حينذاك سورها القديم المشيد من الحجر، كما يوجد خندق حول السور لحمايته حتى إذا ما تعرضت لأى خطر ملؤوه بالمياه ولقد شهدت قابس منذ عهد ابن حوقل اصلاحات جمة منها أنها أصبح تكتنفها فى الجنوب والشرق كثير من الضواحى والأسواق والفنادق مما يشير إلى نشاط تجارى عظيم وقد زانها جامع رائع حفلت بالحمامات العديدة.
على أن الشئ الوحيد الذى يشوه هذه الصورة هو أن مناخها لم يعد صحيا ولم يكن كذلك فى أول العهد بها ولكنه جاء نتيجة تحطيم طلسم. كما يقولون- كانوا قد عثروا عليه أثناء البحث عن كنز وليس من شك أن أسطورة الطلسم هذه تشير إلى هدم المبانى القديمة التى كانت موجودة وراء الأسوار على مرتفعات سيدى "بولبة" ذات الهواء الصحى وكان الداعى لإزالة هذه المبانى هو الرغبة فى تشييد الضواحى مكانها. فلما كانت خاتمة القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) نقلت الضاحية بعيدا عن الأسوار القديمة إلى حيث منطقة "جارة" الحالية وازدحمت بالسكان. ونستدل على ذلك من الأكثار من المساجد فى هذه الضاحية كمسجد سيدى إدريس وسيدى الحاج عمر ومسجد سيدى ابن عيسى الذى ينسبه المستشرق "ماسيه" إلى "بنى جامع" وقد لاحظنا من قبل أن بعض مخلفات المبانى الأثرية استعملت من جديد فى