لكن سرعان ما صارت مسرحا هُزم فيه الصليبيون مرتين فى عامى 636 هـ, 642 هـ (= 1239, 1244 م)، ثم أصبحت قبل الغزو المغولى مجال تنازع بين الأيوبيين فى الشام والأيوبيين فى مصر قبل أن يتم لهولاكو احتلالها فكانت بذلك الاحتلال أَخر نقطة وصل إليها فى زحفه.
ولما جاء العصر المملوكى أصبحت غزة المدينة الكبرى لإقليم يتبع معظمه ولاية دمشق، وكانت البلدة حينذاك شديدة الثراء عظيمة الاتساع، وإن كانت فى بعض الأحيان مستقلة وإذا أخذنا بما يقوله الجغرافيون والرحالة المعاصرون فإنهم يجمعون على رخائها الاقتصادى الذى يعود بعضه إلى ثراء الإقليم المحيط بها لكثرة ريّه بالمياه الجوفية.
واشتهرت غزة فى عهد المماليك بالعنب والتين وعرف عنها الثراء وكان مجتمعها يتألف من ثلاث مجموعات هم التجار والفلاحون والمشتغلون بتربية الماشية والأغنام، وأدى وصول العثمانيين فى عام 922/ 1516 م إلى نكبة حلت بغزة إذ جاءها نبأ كاذب بنصر أحرزه المماليك فظنوا إذ ذاك أنهم قادرون على الفتك بالحامية العثمانية الجديدة فكان الانتقام منهم فظيعا ولقى الكثيرون منهم حتفهم قتلا.
وقد سكن غزة أغلبية من المسلمين والمسيحيين وأقلية من اليهود ومجموعة ضئيلة من السامريين وتمتعت غزة بفترة من الرخاء فى عهد عائلة تعرف بعائلة الباشاوات (1070 هـ/ 1660 م) نجحت فى الحد من غارات البدو المستمرة على المدينة وفى الحفاظ على العلاقات الطيبة مع المسيحيين والأوروبيين.
وكان القرن الثامن عشر قرن تمردات من جانب البدو الذين وجدت السلطات العثمانية بعض الصعوبة فى كبح جماحهم.
وفى القرن التاسع عشر سرى على غزة ما سرى على فلسطين حيث خضعت للسيطرة العثمانية بحكم صلتها بمصر، ثم أصبحت بعد حرب